إحداهما: درجة المقتصدين أصحاب اليمين، وهم الذين يؤدون الواجبات ويتركون المحرمات.
والثانية: درجة السابقين المقربين، وهم الذين يؤدون الفرائض والنوافل ويتركون المحارم والمكاره. وإن كان لابد لكل عبد من توبة واستغفار يكمل بذلك مقامه.
[[أولياء الله. وهم على درجتين من لم يكن منهم أو كان منهم من وجه دون وجه]]
فمن كان عالما بما أمر الله به وما نهاه عنه، عاملا بموجب ذلك كان من أولياء الله سواء كانت لبسته في الظاهر لبسة العلماء أو الفقراء أو الجند أو التجار أو الصناع أو الفلاحين؛ لكن إن كان مع ذلك متقربا إلى الله بالنوافل كان من المقربين، وإن كان مع ذلك داعيا غيره إلى الله هاديا للخلق كان أفضل من غيره من أولياء الله، كما قال تعالى:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[١١/٥٨] . قال ابن عباس: للعلماء درجات فوق المؤمنين بسبعمائة درجة. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «العلماء ورثة الأنبياء، لأن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر»«وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب» رواهما أهل السنن.
إذا تبين ذلك، فمن كان جاهلا بما أمر الله به وما نهاه عنه لم يكن من أولياء الله وإن كان فيه زهادة وعبادة لم يأمر الله بهما ورسوله كالزهد والعبادة التي كانت في الخوارج والرهبان ونحوهم.
كما أن من كان عالما بأمر الله ونهيه ولم يكن عاملا بذلك لم يكن من أولياء الله؛ بل قد يكون فاسقا فاجرا كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظة طعمها مر ولا ريح لها» .