في الفضيلة فعلم أنه أراد الأخف، فلم يمنع القاضي ذلك، بل قال: الخير ما كان أنفع: إما بزيادة الثواب مع المشقة، وإما بكثرة انتفاع المغير به، فإنه سبب لزيادة الثواب، فالأنفع هو ما كان أكثر ثوابا وكثرة الثواب بأحد السببين. ثم في مسألة نسخ القرآن بالسنة لما قال المخالف:«التلاوة لا يكون بعضها خيرا من بعض، وإنما يكون ذلك في النفع» قال القاضي: ولا يصح هذا القول؛ لأنه قد يكون بعضها خيرا من بعض على معنى أنها أكثر ثوابا مثل سورة (طه) و (يس) وما أشبه ذلك. وقد يكون في بعضها من الإعجاز في اللفظ والنظم أكثر مما في البعض، وكانت العرب تعجب من بعض القرآن ولا تعجب من بعض.
قال شيخنا: قلت: بقي القول الثالث -وهو الحق- التفاضل الحقيقي كما نطقت به النصوص الصحيحة الصريحة (١) .
[شيخنا] : فصل
[[نسخ التلاوة ونسخ الحكم]]
ذكر القاضي في ضمن مسألة نسخ القرآن بالسنة أن الخلاف في نسخ تلاوته بأن يقول النبي: لا تقرءوا هذه الآية فتصير تلاوتها منسوخة بالسنة، وفي نسخ حكمه مع بقاء تلاوته، وأن المجيز يجيزهما جميعا، وجعل نسخ التلاوة أعظم من نسخ الحكم؛ فإنه منعهما جميعا.
قال شيخنا: قلت: إذا قال الرسول: «هذه الآية قد رفعها الله» فهو تبليغ منه لارتفاعها كإخباره بنزولها، فلا ينبغي أن يمنع من هذا وإن منع من نسخ الحكم، فيكون الأمر على ضد ما يتوهم فيما ذكره القاضي. وقال القاضي وأبو الخطاب في مسألة قراءة الفاتحة [من الانتصار] : والثابت باليقين كان يحتمل الرفع بخبر الواحد في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛
لأن الموجب للخير لا يوجب البقاء وإنما البقاء لعدم دلالة الرفع، والثابت