وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: ما حديث ابن لهيعة بحجة، إلا أني كنت كثيرا ما أكتب حديث الرجل لا أعرفه ويقوي بعضه بعضا.
وسأله المروذي عن جابر الجعفي، فقال: قد كنت لا أكتب حديثه ثم كتبته أعتبر به.
وقال له مهنا: لم تكتب حديث ابن أبي مريم وهو ضعيف؟ قال: أعرفه. وقال سمعته يقول لرجل عنده في حديث رجل متروك، قال له الرجل: قد رميت بحديثه ما أدري أين هو، قال له أبو عبد الله: ولم؟ كيف لم تدعها حتى تنظر فيها وتعتبر بها (١) .
[[إذا قال الصحابي أو التابعي من السنة كذا أو أمرنا بكذا ونهينا عن كذا]]
مسألة: إذا قال الصحابي: «من السنة كذا وكذا» اقتضى سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أصحابنا وعامة الشافعية وجماعة من الحنفية منهم أبو عبد الله البصري. وقال أبو بكر الرازي والكرخي والصيرفي: لا يقتضي ذلك، واختاره الجويني.
قال القاضي: إذا قال الصحابي: «من السنة كذا» كقول علي: «من السنة ألا يقتل حر بعبد» اقتضى سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك إذا قال التابعي:«من السنة كذا» كان بمنزلة المرسل، فيكون حجة على الصحيح من الروايتين، كما قال سعيد بن المسيب:«من السنة إذا أعسر الرجل بنفقة امرأته أن يفرق بينهما الحاكم» وكذا إذا قال الصحابي: «أمرنا بكذا ونهينا عن كذا» فإنه يرجع إلى أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ونهيه، وكذلك إذا قال:«رخص لنا في كذا» وقد نقل أبو النظر العجلي عن أحمد في جراحات النساء مثل جراحات الرجال حتى تبلغ الثلث، فإذا زاد فهو على النصف من جراحات الرجال، قال: وهو قول زيد بن ثابت، وقول علي كله على النصف. قيل له: كيف لم تذهب إلى قول علي؟ قال: لأن هذا يعني قول زيد ليس بقياس، قال: قال سعيد بن المسيب: «هو السنة» .