وهو جزية فقد التزم الصغار، وإن لم يؤد أبطل حق المسلمين؛ فلهذا كره عمر ذلك وغيره من الصحابة، وهم نهوا عن الشرى.
وأما البيع فإنما كان يبيعها أهل الذمة؛ لأن الأرض الخراجية إنما كانت بأيدي أهل الذمة، وكان ذلك أيضا لئلا يشتغل المسلمون بالفلاحة عن الجهاد، فلما كثر المسلمون وصار أكثرهم غير مجاهدين وصار أداءهم الخراج أنفع لعموم المسلمين من كونها بأيدي أهل الذمة لم يصر في ذلك من الصغار ما يكون في أول الإسلام إلا لمن يشتغل بعمارة الأرض عن الجهاد، وهذا لا يختص بالخراجية، بل هو رأي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:«ما دخلت هذه دار قوم إلا دخلها الذل» رواه البخاري، مع أن الأنصار كانوا هم الفلاحين لأرضهم نهوا عن الاشتغال بعمارة الدنيا عن الجهاد وهذا لا يختص بالأرض الخراجية.
وأما ما ذكره القاضي من قبول شهادة أهل الذمة في الوصية في السفر. فلا ريب أن الفرق هنا ظاهر. وهذا من الاستحسان وتخصيص العلة التي ظهر فيها الفرق. والمنع من شهادتهم على المسلمين ثبت بالنص، والإذن فيها هنا ثبت بالنص أيضا للحاجة.
[[شهادة أهل الذمة على المسلمين في غير السفر]]
وهل يعدى هذا إلى جميع مواضع الحاجة؟ فيه عن أحمد روايتان، بناء على أن العلة معلومة وهي موجودة في غير هذا الموضع. هذا وجه القول بالجواز. وأما وجه المنع: فإما أن نقول: لم تعلم العلة وأنها مشتركة، أو علمنا اختصاصها بهذه الصورة للضرورة العامة فيها. هذا إذا ثبت عموم المنع في غير هذه الصورة إما لفظا وإما معنى. وألفاظ القرآن لا عموم فيها بالمنع. وكذلك السنة ليس فيها لفظ عام بالمنع. لم يبق إلا القياس. وتلك المواضع أمر فيها بإشهاد المسلمين، ومعلوم أن ذاك
إنما هو عند القدرة على إشهادهما وهذا واجب في الوصية في السفر. وأما إذا تعذر إشهادهما على الدين في السفر أو على الرجعة فليس في