للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انقراض القرون والطوفانات العامة، وبأن من مات فقد قامت قيامته؛ ويقرون بمعاد الأرواح دون الأبدان. ويمتنعون ولا يقرون بتغيير هذا العالم، ولا بشق السموات وانفطارها، وتكوير الشمس والقمر، واستحالة الأجسام العلوية، كما جاءت به النصوص، بل يحرفون الكلم عن مواضعه ويتأولون ذلك على أنه أمثال مضروبة بحال المعاد الجزئي، وهو حال النفس عند مفارقة البدن، ولا يقرون بإحداث ولا إفناء (١) .

وسماع الميت لقرع نعالهم والسلام عليه ونحو ذلك مما ثبت أن جنس الأموات يسمعونه، ليس ذلك مخصوصا بقوم معينين.

[[سماع الميت لقرع نعالهم والسلام عليه عام. معرفة الميت بحال أهله]]

وقوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [٨٠/٢٧] المراد السماع المعتاد الذي يتضمن القبول والانتفاع -كما في حق الكفار- السماع النافع في قوله: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ} [٢٣/٨] ، وقوله تعالى: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ} [١٠/٦٧] فإذا كان قد نفى عن الكافر السمع مطلقَّا وعلم أنه إنما نفى سمع القلب المتضمن للفهم والقبول لا مجرد سماع الكلام فكذلك المشبه به وهو الميت.

والحديث الذي قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه: «إن الميت إذا حمل قال قدموني» أو يقول: «يا ويلها» الحديث، ليس هذا هو الكلام المعتاد بتحريك اللسان؛ فإنه لو كان كذلك لسمعه كل أحد ولكن هو أمر باطن آخر وليس هو مجرد الروح، فإن الروح منفصل عن البدن فإن النائم قد يسمع ويتكلم، وذلك بروحه وبدنه الباطن بحيث يظهر أثر ذلك في بدنه، حتى إنه قد يقوم ويصيح ويمشي ويتنعم بدنه ويتعذب ومع ذلك فعيناه مغمضتان، وغالبهم أن لسانه لا يتحرك، لكن إذا قوي أمر


(١) مجموع ٦٩ص ١٢٣ فيه زيادات وللفهارس العامة جـ١/٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>