للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القولين راجح إلى المخرج إلا أن يكون المخرج مخرجا من آخر لتعذر الفارق قال: ومن اكتفى بأن يكون في فتواه أو عمله موافقا لقول أو وجه في المسألة من غير نظر في الترجيح ولا تقيد به فقد جهل وخرق الإجماع.

وذكر عن أبي الوليد الباجي أنه ذكر عن بعض أصحابهم أنه كان يقول: إن الذي لصديقي عليَّ إذا وقعت له حكومة أن أفتيه بالرواية التي توافقه وذكر أن بعضهم سئلوا عن مسألة فأفتوا فيها بما يضر صاحبها، وكان غائبا، فلما عاد سألهم فقالوا: ما علمنا أنها لك، وأفتوه بالرواية الأخرى التي توافقه. قال أبو الوليد: وهذا مما لا خلاف بين المسلمين ممن يعتد به في الإجماع أنه لا يجوز (١) .

[[التمذهب والتقليد]]

وأما قول القائل: لا أتقيد بأحد هؤلاء الأئمة الأربعة. إن أراد أنه لا يتقيد بواحد بعينه دون الباقين فقد أحسن؛ بل هو الصواب من القولين. وإن أراد: أني لا أتقيد بها كلها بل أخالفها فهو مخطئ في الغالب قطعا؛ إذ الحق لا يخرج عن هذه الأربعة في عامة الشريعة؛ ولكن تنازع الناس: هل يخرج عنها في بعض المسائل؟ على قولين. وقد بسطنا ذلك في موضع آخر. وكثيرا ما يترجح قول من الأقوال يظن الظان أنه خارج عنها ويكون داخلا فيها. لكن لا ريب أن الله لم يأمر الأمة باتباع أربعة أشخاص دون غيرهم. هذا لا يقوله عالم؛ وإنما هذا كما يقال: أحاديث البخاري ومسلم؛ فإن الأحاديث التي رواها الشيخان فصححاها قد صححها من الأئمة ما شاء الله؛ فالأخذ بها لأنها قد صحت؛ لا لأنها قول شخص بعينه.

وأما من عرض عليه حديث فقال: لو كان صحيحا لما أهمله أهل


(١) المسودة ص ٥٣٥-٥٣٧ ف ٢/٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>