للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضا فلأنهم إذا اتفقوا وجب عليهم جميعا اتباع اتفاقهم إلى حين يحدث خلاف بينهم، وهذا كما يجب علينا طاعة الرسول فيما يأمر به وإن جاز تبدله بنسخ أو تغيير من الله تعالى، وذلك لأن الأصل عدم رجوعهم وبقاء أقوالهم ثم إذا رجعوا فأكثر ما في الباب أنهم اتفقوا على خطأ لم يقروا عليه، وهذا جائز عند هذا القائل وإنما هم معصومون عن دوام الخطأ، وهذا قريب إذا لم يطل الزمان بحيث يتبعهم الناس على ذلك الخطأ على وجه لا يمكن إزالته، فأما مع ذلك فلا يجوز كما لا يجوز في الرسالة. وكذا قال القاضي: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جعلناه حجة لنا وبينا أنه يعتبر في ذلك انقراضه لأنه قد يرجع عنه ويتركه على أن قوله لا يقف العمل به على انقراضه، لأنه بالنسخ لا يتبين الخطأ بل يرجع عما كان عليه مع كونه كان صوابا في ذلك الوقت، وليس كذلك رجوع المجمعين؛ لأنه عن خطأ تبين لهم (١) .

[شيخنا] : ... ... ... فصل

[[واللاحقون إذا صاروا مجتهدين قبل انقضاء العصر]]

فإن كان الذين صاروا مجتهدين موجودين في حال إجماع الأولين فلا أثر لذلك، إذ وجودهم غير مجتهدين بمنزلة عدمهم أو وجودهم كفارا أو صبيانا، وإن صاروا مجتهدين قبل انقراض عصر الأولين لكن لم يخالفوهم حتى انقرض عصرهم فهذا الخلاف مسبوق بالإجماع المتقدم لأن المجتهد اللاحق لا يعتبر انقراض عصره في صحة الإجماع الأول بلا تردد إذا وافق أو سكت. أما إذا وافق فلا ريب، إذ لو اعتبر ذلك لما استمر إجماع. وأما إذا سكت فكذلك أيضا إذا منعناه أن يخالف. وإن سوغ له أن يخالف ولم يخالف فالإجماع قد تم بشروطه فإن المجمعين انقرض عصرهم من غير خلاف.


(١) المسودة ص ٣٢٣-٣٣١ ف ٢/١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>