الخطاب: ما ثبت بالعقل ينقسم قسمين؛ فما كان منه واجبا بعينه كشكر المنعم والإنصاف وقبح الظلم فلا يصح أن يرد الشرع بخلاف ذلك. وما وجب لعلة أو دليل مثل الأعيان التي فيها الخلاف فيصح أن يرتفع الدليل والعلة فيرتفع ذلك الحكم العقلي كفروع الدين المنسوخة. وقال التميمي: لا يجوز أن يرد الشرع في الأعيان بما يخالف حكم العقل إلا بشرط منفعة تزيد في العقل أيضا على ذلك الحكم كذبح الحيوان، والبط، والفصد، فعلى هذا يمنع أصل الدليل. وقال عنه في موضع آخر: لا يجوز أن يرد الشرع بحظر موجبات العقل أو إباحة محظوراته. وقيل: إن الشرع يرد بما لا يقتضيه العقل إذا كان العقل لا يحيله ذكر هذه الثلاثة أبو الخطاب.
وقال الحلواني: ما يعرف ببداءة العقول وضروراتها فلا يجوز أن يرد الشرع بخلاف مقتضاه. فأما ما يعرف بتولد العقل استنباطا واستدلالا فلا يمنع أن يرد الشرع بخلافه (١) .
[شيخنا] : ... ... ... فصل
[[ما لا يدخل تحت الخلاف المذكور]]
قال القاضي في «مسألة الأعيان قبل الشرع» : وإنما يتصور هذا الاختلاف في الأحكام الشرعيات من تحريم لحم الحمر وإباحة لحم الأنعام وما يشبه ذلك مما قد كان يجوز حظره وتجوز إباحته، فأما ما لا يجوز له الحظر بحال كمعرفة الله ومعرفة وحدانيته وما لا يجوز عليه الإباحة كالكفر بالله وجحد التوحيد وغيره فلا يقع فيه خلاف؛ بل هو على صفة واحدة لا تتغير ولا تنقلب، وإنما الاختلاف فيما ذكرنا.
وأما ابن عقيل فطرد خلاف الوقف في الجميع، حتى في التثنية