للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[اعتبار انقراض العصر في صحة الإجماع]]

[قال شيخنا] : قلت: سر المسألة أن المدرك لا يعتبر وفاته؛ بل يعتبر عدم خلافه إذا قلنا به. وذهب المتكلمون من المعتزلة والأشعرية وأصحاب أبي حنيفة فيما ذكره أبو سفيان إلى أنه لا يعتبر. وعن الشافعية كالمذهبين، ولهم وجه ثالث: إن كان الإجماع مطلق لم يعتبر -وإن كان بشرط- وهو إن قالوا: هذا قولنا، ويجوز أن يكون الحق في غيره، فإذا وضح صرنا إليه اعتبر انقراض العصر. واختار الجويني إن أسندوه إلى الظن لم يكن إجماعا حتى يمضي زمان طويل حتى لو ماتوا عقبيه لم يستقر ولو مضت مدة طويلة قبل موتهم استقر، فلم يعتبر انقراض العصر في ذلك بل مضى زمن طويل، وتكلم في ضبطه بكلام كثير. والمذهب الثاني اختيار أبي الخطاب، وقال: هو قول عامة العلماء، وذكر أن أحمد أومأ إليه (١) أيضا. وحكى ابن عقيل قولا آخر بأنه إن كان قولا من الجميع لم يعتبر فيه انقراض العصر، وإن كان قولا من البعض وسكوتا من الباقين اشترط انقراض العصر، والذين اعتبروا انقراض العصر منهم من اعتبر موت جميع الصحابة، ومنهم من اعتبر موت الأكثر، ومنهم من اعتبر موت علمائهم.

قال شيخنا: قال القاضي في مقدمة المجرد: انقراض العصر معتبر في صحة الإجماع واستقراره، فإذا أجمعت الصحابة على حكم من الأحكام ثم رجع بعضهم أو جميعهم انحل الإجماع وإن أدرك بعض التابعين عصرهم وهو من أهل الإجماع اعتد بخلافه، وقد قدم أحمد قول سعيد بن المسيب على قول ابن عباس في أن العبد لا ينظر إلى شعر مولاته، وقول سعيد أيضا في أن خراج العبد مقدر من قيمة كالحر خلافا لابن عباس، ثم قال بعد هذا فيها: وإذا أدرك التابعي زمان الصحابة وهو من أهل الاجتهاد لم يعتبر قوله في إجماعهم، ولم يعتد


(١) نسخة: «وذكر عن أحمد أنه أومأ»

<<  <  ج: ص:  >  >>