عند تعذره في جميع أحكامه، ثم يخص بعض الأحكام من حكم البدلية والطهورية والإباحة، والبدل يقوم مقام المبدل في حكمه لا في صورته والحكم جواز الطهارة به ما لم يجد الماء أو يحدث، فذلك القول مخالف للقياس وتخصيص العلة بلا ريب. والعلة صحيحة بلا ريب.
ونحن إذا قلنا: لا يجوز تخصيص بدون فارق مؤثر أفاد شيئين:
أحدهما: أنه إذا ثبت أنها علة صحيحة لم يجز تخصيصها مثل هذا الموضع.
والثاني: أنه إذا ثبت تخصيصها علم بطلانها، وهذا معنى قولنا: لا يجتمع قياس صحيح واستحسان صحيح إلا مع الفارق المؤثر من الشرع.
[[إذا اشترى المضارب غير ما أمر به صاحب المال استحسن..]]
وأما قوله في المضارب: إذا خالف فاشترى غير ما أمر به صاحب المال فالربح لصاحب المال ولهذا أجرة مثله إلا أن يكون الربح يحيط بأجرة مثله فيذهب، قال: وكنت أذهب إلى أن الربح لصاحب المال، ثم استحسنت. فهذا استحسان منه رآه بفرق مؤثر، أو القياس مستنبط والاستحسان مستنبط، وهو تخصيص لعلة مستنبطة بفرق مستنبط. وأحمد لا يرد مثل هذا الاستحسان؛ لكن قد تكون العلتان أو إحداهما فاسدة، كما لا يرد تخصيص العلة المنصوصة بفرق منصوص كالمتيمم لما جاءت صلاته وليس هنا إلا الحدث مانعًا، فلو تبين مانع لم تجز الصلاة، فلم زوال المانع؟
فإن قيل: الصلاة بالتيمم، رخصة كأكل الميتة في المخمصة، والرخصة استباحة المحظور مع قيام الحاظر. ولا يجوز هنا أن يقال: إنه استباح الصلاة مع قيام الحاظر لها؛ فإن كون الحاظر حاظرا (١) لمعارض راجح وذلك أن المعنى المقتضي للحظر القائم بالميتة موجود حال