للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[بيان الغاية المجهولة نسخ]]

حكم مطلق؛ لأن غاية كل حكم إلى موت المكلف أو إلى النسخ، وكذلك ذكر في نسخ الأخف بالأثقل: إن حد الزنا في أول الإسلام كان الحبس، ثم نسخ وجعل حد البكر الجلد والتغريب، والثيب الجلد والرجم. وكذلك قال القاضي: لما احتج اليهود بما حكوه عن موسى أنه قال: شريعتي مؤبدة ما دامت السموات والأرض. فأجاب بالتكذيب. وبجواب آخر وهو أنه لو ثبت لكان معناه إلا أن يدعو صادق إلى تركها، وهو من ظهرت المعجزة على يده وثبتت نبوته بمثل ما ثبتت به نبوة موسى؛ والخبر يجوز تخصيصه كما يجوز تخصيص الأمر والنهي.

[[وشريعتنا ناسخة للشرائع قبلها]]

قال شيخنا رضي الله عنه: قلت: وعلى هذا يستقيم أن شريعتنا ناسخة، وهذا قول أبي الحسن وغيره. ثم ذكر القاضي [في مسألة نسخ القرآن بالسنة] أن الحبس من الآية لم ينسخ؛ لأن النسخ أن يرد لفظ عام يتوهم دوامه ثم يرد ما يرفع بعضه. والآية لم ترد بالحبس على التأبيد، وإنما ورد به إلى غاية هو أن يجعل الله لهن سبيلا، فأثبت الغاية، فوجب الحد بعد الآية بالخبر. ذكر ذلك في جواب من زعم أن بعض القرآن نسخ بالسنة كآية الوصية بقوله: «لا وصية لوارث» وآية حد الزنا من الحبس والأذى بقوله: «خذوا عني» ، وقوله: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [١٩١/٢] بقتل ابن خطل. فقال القاضي: الوصية منسوخة بآية المواريث. وأجاب عن حد الزنا بما تقدم ذكره. قال: وقد قيل: إنه في البكر منسوخ بقول: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [٢/٢٤] وفي الثيب بآية الرجم التي نسخ رسمها وبقي حكمها، وقوله: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [١٩١/٢] منسوخ بقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [٥/٩] (١) .


(١) المسودة ص ٢١٩، ٢٢٠ ف ٢/٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>