فقوله:«ليس هذا شيئا يوافق القياس» كقوله في العامل المخالف.
«ثم استحسنت أن يعطيه الأجرة» فكان يناسبه على ما يراه في الغاصب أن لا يكون له أجرة عمله وعمل بدابته. فهو مخالف للقياس من هذه الجهة؛ لأنه إنما عمل ليأخذ العوض لم يعمل مجانا كالعامل في المضاربة، ولأن البذر له فليس غاصبا محضا.
وقد اختلفت الرواية عن أحمد: هل يعطى بالبذر؛ أو أجرة مثله. والنص ورد بالأول بقوله:«ليس له من الزرع شيء وله نفقته» والقياس يقتضي الثاني. فقد يكون قوله على خلاف القياس من هذا الوجه. وما ورد به النص قد يكون باثنين. وأجرة مثله فيه سواء.
[[بيع المصاحف وشراؤها]]
أما شري المصاحف فإنما فرق فيهما بين الشرى والبيع؛ لأن العلة موجودة في البيع دون الشرى؛ لكن المشتري راغب في المصحف معظم له باذل فيه ماله، والبائع معتاض عنه بالمال، والشرع يفرق بين هذا وهذا، كما يفرق بين إعطاء المؤلفة قلوبهم بين المعطي والآخذ وكذلك بين اقتداء الأسير وغير ذلك.
ومعلوم أنه لو أعطاه المصحف والأرض الخراجية بلا عوض جاز وقام فيه مقامه، بخلاف ما لا يجوز ملكه كالخمر وغيرها، فإذا بذل له هذا فيه العوض لم تكن مضرته إلا على البائع.
فإن قيل: فإذا لم يحصل للإنسان كلب معلم إلا بثمن فينبغي أن يجوز بذله وإن لم يجز أخذه.
قيل: إن لم يكن بينهما فرق مؤثر في الشرع فما الذي جوز أن قيل هناك يجب عليه إعطاء الكلب بلا عوض بخلاف الأرض والمصحف فهذا ندب، مع أن الثابت عن الصحابة كراهة بيع المصحف، وابن عباس كان يكرهه، وكان أيضا يجوزه ويقول: إنما هو مصور فأخذ أجرة تصويره. فدل على أنها كراهة تنزيه. وروي عن عروة: وددت أن