روحه بدنه هو إما في نعيم وإما في عذاب فلا يتأخر النعيم والعذاب عن النفوس إلى حين القيامة العامة وإن كان كماله حينئذ، ولا تبقى النفوس المفارقة لأبدانها خارجة عن النعيم والعذاب ألوفا من السنين إلى أن تقوم القيامة الكبرى، ولهذا قال المغيرة بن شعبة: أيها الناس إنكم تقولون: القيامة، القيامة. وإنه من مات فقد قامت قيامته.
واسم «الساعة» في السنة قد يراد به انقراض القرن وهلاك أهله، كما ذكر ذلك البغوي وغيره، وهو مذكور في أحاديث صحيحة «حتى تقوم عليكم ساعتكم» يريد به انخرام ذلك القرن، فلهذا هو مفسر في الحديث الصحيح.
وكذلك مذهب أهل السنة والجماعة الإقرار بمعاد الأرواح والأبدان جميعا، وأن الروح باقية بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة.
وأما أهل الأهواء: فكان كثير من الجهمية والمعتزلة ونحوهم يكذب بما في البرزخ من النعيم والعذاب ولا يقر بما يكون في القبر، كما ينكرون أيضا وجود الجنة والنار، ولا يعتقدون نعيما ولا عذابا ولا ثوابا ولا عقابا إلا عند القيامة الكبرى.
ثم منهم من يقول ليست الروح شيئا ثابتا بدون البدن، وبعض هؤلاء يقر بعذاب القبر ونعيمه للجسد فقط دون روح باقية دونه، وهذا كثير في مقالات طوائف من أهل الكلام. وهم يتكلمون في إحداث العالم وإفنائه، وقد يزعمون أن العالم يفنى بجملته ثم يعاد ومنهم من يزعم أنه يفنى بعد دخول الجنة والنار، وأنهما يفنيان، كما يذكر ذلك عن الجهم بن صفوان، وزعم أبو الهذيل أن حركاتهم تفنى وأمثال هذه المقالات.
[[ضلال من ينكر تغيير هذا العالم عند القيامة الكبرى]]
وفي مقابلة هؤلاء طوائف من الفلاسفة المشائين وغيرهم ومن قد يتبعهم من المليين يكذبون بالقيامة العامة، وإنما يقرون بالقيامة التي هي