أحدها: أن حكم أمته كحكمه في الوجوب والتحريم وتوابعهما إلا أن يدل دليل يخالف ذلك، وهذا لا يختص بالأفعال، بل يدخل فيه ما عرف حكمه في حقه بخطاب من الله أو من جهته؛ ولهذا ذكرت هذه في الأوامر أعني «مسألة الخطاب» وقد ذكر عن التميمي وأبي الخطاب التوقف في ذلك، وأخذا من كلام أحمد ما يشبه رواية، والصواب عنه العكس. وعلى هذا فالفعل إذا كان تفسيرا لمجمل شملنا وإياه، أو امتثالا لأمر شملنا وإياه لم يحتج إلى هذا الأصل، وقد يكون هذا من طريق الأولى: بأن يعلم سبب التحريم في حقه وهو في حقنا أشد، وسبب الإباحة أو الوجوب.
الأصل الثاني: أن نفس فعله يدل على حكمه - صلى الله عليه وسلم -: إما حكم معين، أو حكم مطلق، وأدنى الدرجات الإباحة. وعلى تعليل التميمي لتجويز الصغائر يتوقف في دلالته في حقه على حكمه. وقد اختلف أصحابنا في مذهب أحمد: هل يؤخذ من فعله؟ على وجهين. ومثل هذا تعليله بتجويز النسيان والسهو؛ لكن هذا مأخذ رديء، فإنه لا يقر على ذلك. والكلام في فعل لم يظهر عليه عتاب. فمتى ثبت أن الفعل يدل على حكم كذا وثبت أنا مساوون له في الحكم ثبت الحكم في حقنا.
الأصل الثالث: أن الفعل هل يقتضي حكما في حقنا من الوجوب مثلا وإن لم يكن واجبا عليه، كما يجب على المأموم متابعة الإمام فيما لا يجب على المأموم، وعلى الجيش متابعة الإمام فيما لا يجب على الإمام، وعلى الحجيج موافقة الإمام في المقام بالمعرف إلى إفاضة الإمام؟ هذا ممكن أيضا؛ بل من الممكن أن يكون سبب الوجوب في حقه معدوما في حقنا ويجب علينا لأجل المتابعة ونحوها، كما يجب علينا الرمل والاضطباع مع عدم السبب الموجب له في حق الأولين، أو سبب الاستحباب منتفيا في حقنا وقد نبه القرآن على هذا بقوله: {مَا