قال والد شيخنا: ونقل إبراهيم الحربي عن أحمد أنه قال: العقل غزيزة والحكمة فطنة.
قال شيخنا: ذكره أبو الحسن التميمي عن محمد بن أحمد بن مخزوم عن إبراهيم الحربي عن أحمد أنه قال: العقل غريزة، والحكمة فطنة، والعلم سماع، والرغبة في الدنيا هوى، والزهد فيها عفاف. قال القاضي: ومعنى قوله: «غريزة» أنه خلقه الله ابتداء، وليس باكتساب العبد ترتيب جيد؛ لكن الغرائز في القوى، وقال ابن فورك: هو العلم الذي يمتنع به من فعل القبيح، قال: ومعنى ذلك كله متقارب، وما ذكرناه أولى، وهو قول الجمهور من المتكلمين، خلافا لما حكي عن الفلاسفة أنه اكتساب. وقال قوم: هو عرض مخالف لسائر العلوم والأعراض، قال الجويني: وقال الحارث المحاسبي: العقل غريزة يتأتى بها درك العلوم وليس منها، ثم قال: والقدر الذي يحتمله كتابنا أن العقل صفة إذا ثبتت يتأتى بها التوصل إلى العلوم النظرية وإلى مقدمتها من الضروريات التي هي مستند النظريات ثم قال: ولا ينبغي أن يعتقد الناظر أن هذا مبلغ علمنا في حقيقة العقل، ولكن هذا الموضع لا يحتمل أكثر منه.
وقال قوم: هو مادة وطبيعة، وقال آخرون: هو جوهر بسيط (١) .
[شيخنا] : فصل
قال المخالف: العقل من العلوم الضرورية، وذلك لا يختلف في حق كل عاقل. فقال القاضي: والجواب: أن تلك العلوم لم يختلف ما تدرك به من النظر والشم والذوق، فلهذا لم تختلف هي في أنفسها،