بإباحتها، قال: وقد أومأ أحمد إلى معنى هذا في رواية صالح ويوسف ابن موسى: لا يخمس السلب ما سمعنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خمس السلب. وهذا يدل على أنه لم يبح تخميس السلب؛ لأنه لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرع فيه فيبقى على أصل الحظر.
قال شيخنا: قلت: لأن السلب قد استحقه القائل بالشرع فلا يخرج بعضه عن ملكه إلا بدليل، وهذا ليس من موارد النزاع.
قال: وكذلك نقل الأثرم وابن بدينا في الحلي يوجد لقطة، فقال: إنما جاء الحديث في الدراهم والدنانير. قال: فاستدام أحمد التحريم ومنع الملك على الأصل، لأنه لم يرد شرع في غير الدراهم.
وأما قول أهل الإباحة فقال: أومأ إليه أحمد في رواية أبي طالب وقد سأله عن قطع النخل؟ فقال: لا بأس به، لم نسمع في قطع النخل شيئا. قيل له: فالنبق؟ قال: ليس فيه حديث صحيح وما يعجبني قطعه. قلت له: إذا لم يكن فيه حديث صحيح فلم لا يعجبك؟ قال: لأنه على كل حال قد جاء فيه كراهة والنخل لم يجئ فيه شيء. قال القاضي: فقد استدام أحمد للإباحة في قطع النخل لأنه لم يرد شرع يحظره.
قال شيخنا: قلت: لا شك أنه أفتى بعدم البأس؛ لكن يجوز أن يكون للعمومات الشرعية ويجوز أن يكون سكوت الشرع عفوا، ويجوز أن يكون استصحابا لعدم التحريم، ويجوز أن يكون سكوت الشرع لأن الأصل إباحة عقلية مع أن هذا من الأفعال لا من الأعيان.
[والأفعال قبل مجيء السمع تنقسم] :
قال شيخنا: قال القاضي: ذكر أبو الحسن التميمي في جزء وقع إليّ بخطه فيما أخرجه من أصول الفقه، فقال:«الأفعال قبل مجيء السمع» تنقسم قسمين: منها حسن، ومنها قبيح. فما كان [منها] في العقل قبيحا فهو محظور لا يجوز الإقدام عليه كالكذب والظلم وكفر نعمة المنعم وما جرى مجرى ذلك؛ لأنه يكتسب بفعله الذم واللوم.