وذهب قوم من أهل الحديث إلى أنه لا يقبل خبره، لأنه روى عمن لم يسمع منه. قال القاضي: وهذا غلط لأنه ما كذب فيما نقل، بل كان ما قاله صدقا في الباطن، إلا أنه أوهم في خبره، ومن أوهم في خبره لم يرد خبره بذلك، كمن قيل له: حججت؟ فقال: لا مرة ولا مرتين، يوهم أنه حج أكثر، وحقيقته أنه ما حج أصلا.
قال شيخنا: قلت: لكن ما هو صادق في الحقيقة العرفية، ولا مبين لما ينبغي بيانه (١) .
[إذا روى العدل عن العدل خبرًا ثم أنكره المروي عنه أو نسيه]
مسألة: إذا روى العدل عن العدل خبرا، ثم نسيه المروي عنه فأنكره لم يقدح ذلك فيه، في إحدى الروايتين، قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: يضعف الحديث عندك أن يحدث الرجل النفر بالحديث عن الرجل فيسأل عنه فينكره، أو لا يعرفه؟ فقال: لا، ما يضعف عندي بهذا، ولفظه في العدة: فينكره ولا يعرفه فقال: لا، ما يضعف عندي بهذا. فقلت: مثل حديث الولي، ومثل حديث اليمين مع الشاهد، فقال: قد كان معمر يروي عن أبيه عن ثقة عن عبيد الله بن عمر- لفظ القاضي: إذا روى العدل عن العدل خبرا ثم نسي المروي عنه الخبر فأنكره لم يجب اطراح الخبر، ووجب العمل به في إحدى الروايتين، وفيه رواية أخرى يرد الخبر، ولا يجوز العمل به، وقد نص على الروايتين في إنكار الزهري روايته حديث عائشة في الولي، فقال في رواية الأثرم وذكره، وكذلك نقل الميموني عنه لما ذكر له حديث الزهري وما قاله، فقال: كان ابن عيينة يحدث بأشياء، ثم قال: ليس من حديثي ولا أعرفه، قد يحدث الرجل ثم ينسى، وكذلك نقل عنه أبو طالب: يجوز أن يكون الزهري حدث به ثم نسيه، فقد نص على قبوله.