الأيدي تقطع في بيع المصاحف. وهذا تغليظ تحريم؛ ولهذا اختلفت الرواية عن أحمد: هل هو تنزيه أو تحريم.
وأما شراءه ومبادلته: فهل هو مباح أو مكروه؟ على روايتين. وعن ابن عباس: يجوز أن يبيعه ويشتري بثمنه مصحفا آخر. وليس هذا في المبادلة والشري استبدال به عوضا من الدنيا. فالأظهر جواز ذلك بلا كراهة، وأن البيع أيضا لا يحرم، بل يكره تعظيما لكتاب الله، وليس على التحريم دليل شرعي.
[[استحسان شرى الأرض الخراجية دون بيعها]]
وكذلك الأرض الخراجية ليس في منع بيعها دليل شرعي أصلا؛ فإن الذي منعوها من الفقهاء قالوا: إنها وقف، وبيع الوقف لا يجوز. وهذا إنما هو في الوقف الذي يبطل بيعه وهو الذي لا يورث ولا يوهب. والأرض الخراجية تورث وتوهب. والوقف الذي لا يباع لا يورث ولا يوهب. وذلك أن المتولي يقوم مقام البائع لا يبطل جنس أصل الوقف.
وأحمد في ظاهر مذهبه يجوز بيع المكاتب لهذا المعنى؛ لأن ذلك لا يبطل حقه من الكتابة؛ بل يكون عند المشتري كما هو عند البائع، وهو يورث بالاتفاق، ولكن العبد فيه سبب الحرية فليس منع بيعه أنه يباع حر كما تخيل أولئك أنه يباع وقف، وليس الأمر كما تخيلوا، بل بيع الحر هو أن يستعبد فيصر بخلاف ما كان حرا. وبيع الوقف: هو أن يجعل طلقا أو يصرف مغله إلى غير جهته، والأرض الخراجية مغلها هو مغلها لم يتغير، وهو الخراج المضروب عليها سواء كان ضريبة كخراج عمر، أو صار مقاسمة، كما فعل متأخرو الخلفاء بأرض السواد وغيرها كما فعله المنصور. فعلى التقديرين حق، كما يبقى مع الإرث والهبة.
والصحابة الذين كرهوا شراها إنما كرهوه لدخول المسلم في
خراج أهل الذمة أو إبطال حق المسلمين منه؛ فإن المشتري إذا أدى الخراج