ولو دفع أرضه إلى آخر يغرسها بجزء من الغراس صح كالمزارعة، واختاره أبو حفص العكبري، والقاضي في تعليقه وهو ظاهر مذهب أحمد.
ولو كانت الأرض مغروسة فعامله بجزء من غراسها صح، وهو مقتضى ما ذكره أبو حفص. ولا فرق بين أن يكون الغارس ناظر وقف أو غيره. ولا يجوز لناظر بعده بيع نصيب الوقف من الشجر بدون حاجة. وللحاكم الحكم بلزومها في محل النزاع فقط، والحكم له من جهة عوض المثل ولو لم تقم به بينة؛ لأنه الأصل. ويجوز للإنسان أن يتصرف فيما في يده بوقف وغيره حتى تقوم حجة شرعية بأنه ليس ملكًا له؛ لكن لا يحكم بالوقف حتى يثبت الملك.
ومقتضى قول أبي حفص أنه يجوز أن يغارسه بجزء من الأرض، كما جاز النسج بجزء من غزل نفسه. فإن اشترطا في المغارسة أن يكون على الغارس الماء أو بعضه فالمتوجه أن الماء كالغرس والبذر، كما سيجيء مثله في المزارعات؛ لأن الماء أصل يفنى. ومتى كان من العامل أصل فإن فيه روايتين.
وإن غارسه على أن رب الأرض تكون له دراهم مسماة إلى حين إثمار الشجر فإذا أثمر كانا شريكين في الثمر -قال أبو العباس: فهذه لا أعرفها منقولة. وقد يقال: هذا لا يجوز، كما لو اشترط في المزارعة والمساقاة شيئًا مقدرًا؛ فإنه قد لا يحصل إلا ذلك المشروط فيبقى الآخر لا شيء له؛ لكن الأظهر أن هذا ليس بمحرم.
والمناصب على أن عليه سقي الشجر والقيام عليها إذا باع نصيبه من ذلك لمن يقوم مقامه في العمل جاز وصح شرطه، كالمكاتب إذا بيع