قال القاضي: وهذا يقتضي أن قول التابعي: «من السنة» أنها سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه قدم قول زيد على قول علي، لأنه وافق قول سعيد:«إنما هي السنة» وبين أنه ليس بقياس. قال: وقد رأيت هذا لبعض أصحابنا ويغلب على ظني أنه أبو حفص البرمكي ذكره في مسائل البرزاطي لما روى الحديث عن ابن عمر أنه قال: «مضت السنة أن ما أدركت الصفقة حبا مجموعا فهو من مال المبتاع» فقال بعد هذا: صار هذا الحديث مرفوعا بقوله: «مضت السنة» ويدخل في المسند. حرر ابنه عبد الله أن هذا القائل هو ابن بطة.
قال شيخنا رضي الله عنه: قلت: ويغلب على ظني أن هذا الضرب لم يذكره أحمد في الحديث المسند، فلا يكون عنده مرفوعا (١) .
مسألة: فإن قال التابعي ذلك فكذلك، إلا أنه يكون بمنزلة المرسل، وقد أومأ أحمد إلى ذلك.
والد شيخنا: قال المقدسي: وقول التابعي والصحابي في ذلك سواء، إلا أن الاحتمال في قول الصحابي أظهر وذكر قول التابعي في هذه وفي التي بعدها. قال أبو الخطاب: في ذلك وجهان، بناء على المرسل.
قال شيخنا رضي الله عنه: الخلاف في «أمرنا» و «نهينا» إنما يتوجه عند الإطلاق، وأما عند الاقتران -بأن الأمر كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو زمنه- فلا يتوجه، كقول أنس في الأذان:«أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة» في السياق المعروف، وكقول عائشة:«كنا نحيض على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة» وقول زيد بن أرقم: «كان الرجل منا يحدث أخاه وهو في الصلاة حتى نزل قوله {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[٢٣٨/٢] فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام» وقول سهل بن سعيد: «كان الناس يؤمرون أن يضعوا أيمانهم على شمائلهم» .