للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنهي مخالفا للناهي عاصيا له، فكذلك من فعل المحلوف عليه ناسيا أو مخطئا في اعتقاده لم يكن مخالفا للحالف، فلم يحنث الحالف، وهذا بين لمن تأمله، والله تعالى لم يؤاخذ بالنسيان والخطأ.

وأما إذا فعلت الزوجة المحلوف عليها، عالمة بالمخالفة، فهذا فيه نزاع آخر غير النزاع المعروف.

فأصل الحلف بالطلاق هل يقع به الطلاق، أو لا يقع؟ فإن النزاع في ذلك بين السلف والخلف.

والمقصود: أن الزوج إذا حلف على زوجته فخالفته عمدا، فمذهب أشهب صاحب مالك أنه لا يقع به طلاق في هذه الصورة، وخالفه غيره من المالكية، ولعل مأخذه إما وجوب طاعته عليها وجعلها عاصية بذلك، أو لئلا يكون الطلاق بيدها من غير رضاه، فإنه لم يقصد جعله بيدها إنما قصد منعها، وظن أنها لا تعصيه، كمن حلف على معنى يظنه، كصفة، فتبين بخلافها.

ثم إذا وقع به الطلاق بفعلها، أو حصلت فرقة بفعلها بعد الدخول فهل يرجع عليها بالمهر؟ فهو مبني على أن إخراج البضع من ملك الزوج هل هو متقوم؟ فلو شهد شهود بالطلاق ثم رجعوا، هل يضمنون الصداق؟ فيه قولان مشهوران هما روايتان عن أحمد، والصحيح أنه متقوم ومنهم من فرق بين المرأة والأجنبي فيقول: متقوم على الأجنبي دون المرأة فيقولون: إن أفسدت النكاح هي لم تضمنه، بخلاف الأجنبي.

ثم مالك يقول: هو مضمون بالمسمى وهو منصوص عن أحمد، والشافعي يقول: هو مضمون بمهر المثل وهو وجه لأحمد، وكذلك لو أفسد رجل نكاح امرأة قبل الدخول بها وبعده فللمرأة قبل الدخول نصف الصداق، ولها جميعه بعده، ويرجع الزوج به على المفسد في الصورتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>