وإذا اتفقوا على أنه يجوز أن يشهد على الرجل إذا عرف صورته مع إمكان الاشتباه وتنازعوا في الشهادة على الصوت من غير رؤية المشهود عليه فجوزه الجمهور كمالك وأحمد، وجوزه الشافعي في صورة المضبطة فالشهادة على الخط دون ذلك لأنه أقوى (١) .
وإذا أمكن القاضي أن يرسل إلى الغائب رسولاً، ويكتب إليه الكتاب والدعوى، ويجاب عن الدعوى بالكتاب والرسول فهذا هو الذي ينبغي كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، بمكاتبة اليهود لما ادعى الأنصار عليهم قتل صاحبهم وكاتبهم ولم يحضرهم وهكذا ينبغي أن يكون في كل غائب طلب إقراره أو إنكاره إذا لم يقم الطالب بينة، وإن أقام بينة فمن الممكن أيضًا أن يقال: إذا كان الخصم في البلد لم يجب عليه حضور مجلس الحاكم، بل يقول: أرسلوا إلي من يعلمني بما يدعي به علي.
وإذا كان لا بد للقاضي من رسول إلى الخصم يبلغه الدعوى ويحضره فيجوز أن يقام مقامه رسول، فإن المقصود من حضور الخصم سماع الدعوى ورد الجواب بإقرار أو إنكار.
وهذا نظير مانص عليه الإمام أحمد من أن النكاح يصح بالمراسلة مع أنه في الحضور لا يجوز تراخي القبول عن الإيجاب تراخيًا كثيرًا، فالدعوى التي يصح تراخي جوابها أولى وأحرى.
وعلى هذا فالرسول في الدعوى يجوز أن يكون واحدًا، لأنه نائب الحاكم كما كان أنيس نائب النبي - صلى الله عليه وسلم - في إقامة الحد بعد سماع الاعتراف وثبوت الحد، أو يخرج على المراسلة من الحاكم إلى الحاكم، وفيه روايتان، فينظر في قضيته خبيرًا.
قال أبو العباس: فما وجدت فيها إلا واحدًا، ثم وجدت هذا منصوصا عن الإمام أحمد في رواية أبي طالب فإنه نص فيها على أنه إذا