صغيرة النفس فإنها سريعة الحركة وفي الحديث:«مثل القلب مثل ريشة ملقاة بأرض فلاة» وفي حديث آخر: «للقلب أشد تقلبا من القدر إذا استجمعت غليانا» ومعلوم سرعة حركة الريشة والقدر مع الجهل؛ ولهذا يقال لمن أطاع من يغويه: إنه استخفه قال عن فرعون إنه استخف قومه فأطاعوه، وقال تعالى:{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ}[٦٠/٣٠] فإن الخفيف لا يثبت بل يطيش، وصاحب اليقين ثابت. يقال: أيقن. إذا كان مستقرا واليقين: استقرار الإيمان في القلب علما وعملا فقد يكون علم العبد جيدا، لكن نفسه لا تصبر على المصائب بل تطيش. قال الحسن البصري: إذا شئت أن ترى بصيرا لا صبر له رأيته، وإذا شئت أن ترى صابرا لا بصيرة له رأيته فإذا رأيت بصيرا صابرا فذاك قال تعالى:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}[٢٤/٣٢] ؛ ولهذا تشبه النفس بالنار في سرعة حركتها وإفسادها وغضبها وشهوتها من النار، والشيطان من النار، وفي السنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«الغضب من الشيطان، والشيطان من النار، وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ» .
وفي الحديث الآخر:«الغضب جمرة توقد في جوف ابن آدم، ألا ترى إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه؟» ، وهو غليان دم القلب لطلب الانتقام وفي الحديث المتفق على صحته:«إن الشيطان يجري
من ابن آدم مجرى الدم» ، وفي الصحيحين أن رجلين استبا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد اشتد غضب أحدهما فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إني لأعلم كلمة
لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»
وقد قال الله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ