للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استصحاب في نفي التحريم أو الإباحة، فإن فيه خلافا مبنيا على مسألة الأعيان قبل الشرع. وأما دعوى الإجماع على نفي الواجبات بالاستصحاب ففيه نظر؛ فإن من يقول بالإيجاب العقلي من أصحابنا وغيرهم لا يقف الوجوب على دليل شرعي، اللهم إلا أن يراد به في الأحكام التي لا مجال للعقل فيها بالاتفاق كوجوب الصلاة والأضحية ونحو ذلك.

قال القاضي (١) : هو صحيح إجماع أهل العلم. وقال أبو الخطاب: هو صحيح بإجماع الأمة. قال: وقد ذكره أصحاب أبي حنيفة والقاضي أبو الطيب، وذكره أبو سفيان، وقال: عدم الدليل دليل، ثم قال: وحكى أبو سفيان عن بعض الفقهاء أنه يأبى هذه الطريقة في الاستدلال، وقد ذكر ابن برهان ما يقارب ذلك، وحكاه أبو الخطاب عن قوم من المتكلمين، مع حكاية أبي سفيان عن بعض الفقهاء، وكذلك ذكر أبو الخطاب في أثناء مسألة القياس، قال: لو كانت النصوص وافية بحكم الحوادث لما افتقر أهل الظاهر في كثير من الحوادث إلى استصحاب الحال وأدلة العقل. فإن قيل: فيرجع إلى استصحاب الحال وحكم العقل. قيل: لا نسلم أن ذلك دليل في الشرع. جواب آخر: أن الحوادث في عصر الصحابة لم يرجعوا فيها إلى استصحاب الحال ولا أدلة العقل، وإنما رجعوا إلى القياس على ما بينا فدل على أن ذلك لا يجوز. هذا كلامه.

قال شيخنا: جعل القاضي استصحاب الحال الذي طريقه العقل مثل أن يقال: أجمعنا على براءة الذمة فمن زعم اشتغالها بزكاة

الحلي فعليه الدليل، فقال: نص أحمد على هذا في رواية صالح ويوسف ابن موسى: لا يخمس السلب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخمسه قال: فجعل


(١) المسودة ص ٤٨٥ ف ٢/٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>