للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك لأن صاحب التحديد بالثلاثة مثلا لا بد له من دليل يختص به على التحديد بها، كما أن صاحب العشرة لا بد له من دليل على التحديد بالعشرة، فتكافئا في ذلك، فلم يجز لأحدهما الاستدلال بالظاهر لعدم دلالة الظاهر وحده على مذهبه. وأما النوع فالدليل المخرج له من العموم يتفاوتان فيه، فمن أراد إخراج نوع آخر فعليه دليل ثان. وحاصله: أن خروج نوع يتفقان في الدلالة عليه كما اتفقا في حكمه، وخروج ما بينهما من المقدار لا يتفقان في دليله كما لا يتفقان في حكمه وإنما هو إجماع مركب، فهو نظير القياس على أصل مركب وأضعف منه، ومثل ذلك في الفروع الاحتجاج بعموم آية السرقة في سارق ما أصله الإباحة وما يسرع فساده، ولولا ذلك لما جاز الاستمساك بعام مخصوص، وإنما يقبح ذلك إذا كثرت الأنواع المخصوصة بحيث يكون النوع المتروك أقل من الأنواع المخرجة، فهذا فيه تفصيل ونظر، وهذا قد يتعارض فيه الإضمار والتخصيص [فقيل: هما سواء. وقيل التخصيص أولى، ويتعارض فيه المجاز والتخصيص] (١) . وهذا البحث قد يقدح في الاستمساك بأقل ما قيل، لأن القائل بوجوب ثلث دية المسلم لا بد من دليل غير الإجماع وغير براءة الذمة، إذ ليس الثلث بأولى من الربع ومن الخمس.

والمناظرة إنما هي مع ذلك القائل الأول لا مع الثاني والثالث. وإجماعهم على وجوب الثلث نوع من الإجماعات المركبة؛ فإن وجوبه من لوازم القول بوجوب النصف والجميع فالقائل بوجوب النصف يقول: إنما أوجبت النصف لدليل، فإن كان صحيحا وجب القول به، وإن كان ضعيفا فلست موافقا على وجوب الثلث، كما يقال

مثل ذلك في حلي الصغيرة وعشر الخضروات الخراجية وإجبار بنت خمس عشرة؛ لكن القولان المركبان قد يكون كل واحد منهما أعم من


(١) ما بين المعقوفتين ساقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>