والإجزاء لا بنفس الخطاب فلا يكون رفعه نسخا. هذا هو الجواب المحقق، دون ما ذكره أبو محمد.
المقام الثاني: أنه لو رفع بعض موجب الخطاب فإن ثبت أنه مراد - كما لو ثبت أن الأمر للوجوب ثم نسخ إلى الندب، أو العموم ثم خص، أو لمطلق المعنى ثم قيد- فهذا نسخ، وإن لم يثبت أنه مراد لم يكن نسخا، وتراخي المخصص والمقيد لا يوجب أن يكون مرادا في ظاهر المذهب، وفي الرواية الأخرى: يوجب أن يكون مرادا. فإذا قيل: استقرار العموم والمفهوم إن عني به انفصال الصارف ففيه الروايتان. وإن عني به استقرار حكمه فهذا لا ينبغي أن يكون فيه خلاف مع أن كلام أبي محمد يقتضي خلاف ذلك.
فقد تحرر أن الزيادة تارة ترفع موجب الاستصحاب. وتارة ترفع موجب المفهوم. وتارة ترفع موجب الإطلاق والعموم. وفي هذين الموضعين: تارة يكون قد ثبت أن المتكلم أراد مقتضى المفهوم أو الإطلاق والعموم. وتارة لم يثبت أنه أراده. فمتى لم يثبت أنه أراده فهو كتخصيص العموم. وأما إن ثبت أنه أراده فهو بمنزلة الاستصحاب الذي قرره السمع، رفعه يكون نسخا، لكن ذلك لا لأنه مجرد زيادة على النص لكن بمعنى آخر. فالصواب ما أطلقه الأصحاب من أن الزيادة على النص ليست نسخا بحال، والقول فيها كالقول في تخصيص العموم وتقييد المطلق سواء. وأيضا فالزيادة تارة تكون في الحكم فقط، وتارة في الفعل فالأول: مثل أنه أباح الجهاد أولا ثم أوجبه، أو يندب إلى الشيء ثم يوجبه فهنا زاد الحكم من غير أن يرفع الحكم الأول، وإنما رفع موجب الاستصحاب والمفهوم، إلا أن يكون الخطاب الأول قد نفى الوجوب.
ثم الخطاب إذا دل على عدم الإيجاب وعدم التحريم فهو مثل