طريقة القاضي أن هذا لا يقع؛ لأنه يقول: ما دام حكم الأصل باقيا وجب بقاء حكم الفرع ولا يزول الفرع إلا بزوال أصله. وقال غيره: بل وجود النص يبين أن القياس فاسد؛ لأن جواز استعماله موقوف على فقد النص، فتكون العلة مخصوصة. وقال أبو الخطاب وغيره: إن كانت علة الأصل منصوصة كان نسخا.
الثالثة: أن يرد نص، ثم يجيء بعده نص حكم فرعه يخالف الأول: فهل ينسخ الأول بهذا القياس؟ قال القاضي وابن عقيل وغيرهما: لا ينسخ به؛ بل يكون فاسدا، وفي ضمن تعليله النص على العلة المنصوصة. وقيل: ينسخ بالقياس المنصوص على علته. فالخلاف في العلة المنصوصة: عند القاضي وابن عقيل لا ينسخ ولا ينسخ به. وعند أبي الخطاب: ينسخ ولا ينسخ به. وهل يشترط في النسخ به أن يمنع من القياس على الناسخ؟ عند أبي الخطاب يشترط وعند صاحب المغني ينسخ وينسخ به.
قال شيخنا: هذا الذي فهمته من النقل فليراجع. وتعليل القاضي وغيره في مسألة نسخ المفهوم وغيرها يقتضي إجراءه مجرى المنصوص على علته، كما قال صاحب المغني.
وتحقيق الأمر في نسخ القياس: إنه إن استقر حكم ثم جاء بعده نص يعارضه كان نسخا للقياس فقط، سواء كانت العلة منصوصة أو مستنبطة. وإن لم يستقر حكمها كان مجيء النص دليلا على فساد القياس. وهكذا القول في نسخ العموم والمفهوم وكل دليل ظني بقطعي أو بظني أرجح منه؛ فإنه عند التعارض إما أن يرفع الحكم أو دلالة الدليل عليه. فالأول هو النسخ الخاص. والثاني من باب فوات الشرط أو وجود المانع. ونسخ القياس المنصوص على علته يبني على تخصيص العلة: إن جوزنا تخصيصها فهي كنسخ اللفظ العام، فيكون نسخ الفرع