للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«ضعيف» على طريقة أصحاب الحديث؛ لأنهم يضعفون بما لا يوجب التضعيف عند الفقهاء كالإرسال والتدليس والتفرد بزيادة في حديث لم يروها الجماعة، وهذا موجود في كتبهم: تفرد به فلان وحده. فقوله: «هو ضعيف» على هذا الوجه. وقوله: «والعمل عليه» معناه على طريقة الفقهاء. قال: وقد ذكر أحمد جماعة ممن يروي عنه مع ضعفه، فقال في رواية إسحاق بن إبراهيم: قد يحتاج أن يحدث الرجل عن الضعيف مثل عمرو بن مرزوق وعمرو بن حكام ومحمد بن معاوية وعلي بن الجعد وإسحاق بن أبي إسرائيل ولا يعجبني أن يحدث عن بعضهم. وقال في رواية ابن القاسم في ابن لهيعة: ما كان حديثه بذاك، وما أكتب حديثه إلا للاعتبار والاستدلال، أنا قد أكتب حديث الرجل كأني أستدل به مع حديث غيره يشده، لا أنه حجة إذا انفرد. وقال في رواية المروذي: كنت لا أكتب حديثه -يعني جابرا الجعفي- ثم كتبته اعتبر به. وقال له مهنا: لم تكتب عن أبي بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف؟ قال: أعرفه. قال القاضي: والوجه في الرواية عن الضعيف أن فيه فائدة، وهو أن يكون الحديث قد روي من طريق صحيح فتكون رواية الضعيف ترجيحا (١) ، أو ينفرد الضعيف بالرواية فيعلم ضعفه، لأنه لم يرو إلا من طريقه، فلا يقبل.

قال شيخنا: قوله: «كأني أستدل به مع حديث غيره؛ لا أنه حجة إذا انفرد» يفيد شيئين؛ أحدهما: أنه جزء حجة، لا حجة، فإذا انضم إليه الحديث الآخر صار حجة؛ وإن لم يكن واحد منهما حجة فضعيفان قد يقومان مقام قوي (٢) . الثاني: أنه لا يحتج بمثل هذا منفردا، وهذا يقتضي أنه لا يحتج بالضعيف المنفرد، فإما أن يريد به نفي الاحتجاج


(١) نسخة: «مرجحًا» .
(٢) نسخة: «قد يقويان» .

<<  <  ج: ص:  >  >>