للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة: لا يجوز للمجتهد تقليد مجتهد آخر، سواء في ذلك ضيق الزمان وسعته، نص عليه في رواية الفضل بن زياد، ذكرها ابن بطة أن أحمد قال له: يا أبا العباس لا تقلد دينك الرجال فإنهم لم يسلموا من أن يغلطوا. وقال في رواية أبي الحارث: لا تقلد أمرك أحدا منهم وعليك بالأثر. قال القاضي: فقد منع من التقليد وندب إلى الأخذ بالأثر [وإنما يكون هذا فيمن له معرفة بالأثر والاجتهاد] (١) (٢) .

قال أبو الخطاب: وعن أبي حنيفة روايتان إحداهما: جوازه والثانية: المنع منه، وبه قال الشافعي والصيرفي وابن أبي هريرة وأبو يوسف وإسحاق. وقال أبو حنيفة ومحمد: يجوز حكاه أبو سفيان في مسائله. وكلامهم في المسألة يدل على الأعلم فقط، ولم يفرق بين أن يكون الزمان واسعا أو ضيقا وكذلك ذكر هذا ابن حامد في أصوله عن بعض أصحابنا وبعض المالكية واختاره ابن سريج مع ضيق الوقت وحكى عن محمد أنه أجازه لمن هو أعلم منه، ولم يجزه لمن هو مثله أو دونه، وكذلك جزم به عنه ابن برهان وأبو الخطاب ولم يذكر عن أحد تقليد المساوي مع السعة.

قال والد شيخنا: وحكى الحلواني عن أبي حنيفة ومحمد: أنه يجوز تقليد من هو أعلم منه، ولا يجوز تقليد من هو مثله. قال: وحكى عن سفيان الثوري وإسحاق أنه يجوز له تقليد غيره بكل حال، قال أبو الخطاب: وروي [عن] ابن سريج مثل قول محمد الأخير، وروي عنه أنه يجوز مع ضيق الوقت لا مع سعته، قال: وقال بعض الشافعية: إن لم يجتهد فله أن يقلد على الإطلاق، وإن اجتهد لم يجز له التقليد. قال: وحكى عن أبي إسحاق الشيرازي أن مذهبنا جواز تقليد العالم للعالم،


(١) والاجتهاد ساقطة من بعض النسخ.
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من بعض النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>