للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شيخنا] : ... ... ... فصل

في ترجيح المقلد أحد الأقوال لكثرة عدد قائليه من المفتين حال الفتوى:

قال الوزير أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة: الصحيح في هذه المسألة أن قول من قال: «لا يجوز تولية قاض حتى يكون من أهل الاجتهاد» فإنه إنما عنى به هنا ما كانت الحالة عليه قبل استقرار ما استقر من هذه المذاهب التي أجمعت الأئمة على أن كلا منها يجوز العمل به؛ لأنه مستند إلى أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو على سبيل معه. فالقاضي في هذا الوقت وإن لم يكن قد سعى في طلب الأحاديث وانتفاء طرقها وعرف من لغة الناطق بالشريعة - صلى الله عليه وسلم - ما لا يعوزه معه معرفة ما يحتاج إليه فيه، وغير ذلك من شروط الاجتهاد؛ فإن ذلك قد فرغ له منه، ودأب فيه سواه، وانتهى الأمر من هؤلاء الأئمة المجتهدين إلى ما أراحوا به من بعدهم، وانحصر الحق في أقاويلهم، وتدونت العلوم وانتهت إلى ما اتضح فيه الحق. فإذا عمل القاضي في أقضيته بما يأخذ عنهم أو عن الواحد منهم فإنه في معنى من كان باجتهاده إلى قول قاله؛ وعلى ذلك فإنه إذا خرج من خلافهم متوخيا مواطن الاتفاق ما أمكنه كان آخذا بالحزم، عاملا بالأولى، وكذلك إذا قصد في مواطن الخلاف توخي ما عليه الأكثر منهم، والعمل بما قاله الجمهور دون الواحد منهم فإنه قد أخذ بالحزم والأحوط والأولى مع جواز أن يعمل بقول الواحد

إلا أنني أكره له أن يكون ذلك من حيث أنه قد قرأ مذهب واحد منهم أو نشأ في بلدة لم يعرف فيها إلا مذهب إمام واحد منهم، أو كان شيخه ومعلمه على مذهب فقيه من الفقهاء خاصة يقصر نفسه على اتباع ذلك المذهب، حتى إذا حضر عنده خصمان وكان ما تشاجرا فيه مما يفتي الفقهاء الثلاثة فيه بحكم واحد نحو التوكيل بغير رضا الخصم،

وكان الحاكم حنفيا، وقد علم أن مالكا والشافعي وأحمد اتفقوا على

<<  <  ج: ص:  >  >>