وليس في المسألة دليل من السنة ولا من الإجماع ولا من القياس بل الأحاديث كما في المحرم الذي وقصته ناقته:«اغسلوه بماء وسدر» ، وفي غسل ابنته قال:«اغسلنها بماء وسدر» وتوضؤ أم سلمة من قصعة فيها أثر العجين، وقوله:«تمرة طيبة وماء طهور» كل ذلك ونحوه نص دال على جواز استعمال الماء المتغير بالطاهرات أدل منها على نقيض ذلك.
وأيضا الأصل بقاء ما كان على ما كان، وليس هذا استصحابا للإجماع في مورد النزاع حتى يقال: فيه خلاف؛ فإن ذلك هو دعوى بقاء الإجماع؛ بل يقال: هو قبل التغير طاهر بالنص والإجماع، والأصل بقاء الحكم على ما كان وإن لم يكن الدليل شاملا له، إذ مع شمول الدليل إنما يكون استدلالاً بنص أو إجماع، لا بالاستصحاب، وهذا الاستدلال إنما هو بالاستصحاب.
وقول بعض الحنفية: إن الماء لا ينقسم إلى طاهر ونجس، فليس بشيء لأنه إن أراد: كل ما يسمى ماءً مطلقا ومقيدًا فهو خطأ، لأن المياه المعتصرة طاهرة ولا يجوز بها رفع الحدث.
وإن أراد الماء المطلق، لم يصح، فإن النجس لا يدخل في المطلق.
وقولهم:«طهور» بمعنى «طاهر» غلط، لأن «الطهور» اسم لما يتطهر به كالفطور، والسحور والوجور لما يفطر عليه ويتسحر به ويوجر به؛ ولهذا قال تعالى:{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} والطاهر لا يدل على ما يتطهر به، ومن ظن أن الطهور معدول عن طاهر فيكون بمنزلته في التعدية واللزوم عند النحويين فهو قول من لم يحكم قوله من جهة العربية.