للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل عليه سعي ثان؟ فيه روايتان هما قولان للعلماء، وذلك لما روي أن الصحابة رضي الله عنهم تمتعوا بالعمرة إلى الحج ولم يسعوا بين الصفا والمروة إلا مرة واحدة مع طواف القدوم، وهذا بيان أن عمرة المتمتع بعض حجه، كما أن وضوء المغتسل بعض غسله فيقع السعي، عن جملة النسك، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» والله أعلم (١) .

عن ابن عمر رضي الله عنهما: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفاض يوم النحر ثم صلى الظهر بمنى يعني راجعا» .

قال ابن القيم: هكذا قال ابن عمر، وقال جابر في حديثه الطويل: «ثم أفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر» ، رواه مسلم، وقالت عائشة رضي الله عنها: «أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى فمكث بها» ، الحديث وسيأتي.

فاختلف الناس في ذلك، فرجحت طائفة منهم ابن حزم وغيره حديث جابر وأنه صلى الظهر بمكة، قالوا: وقد وافقته عائشة واختصاصها به وقربها منه، واختصاص جابر وحرصه على الاقتداء به أمر لا يرتاب فيه.

قالوا: ولأنه - صلى الله عليه وسلم - رمى الجمرة وحلق رأسه وخطب الناس ونحر مائة بدنة هو وعلي وانتظر حتى سلخت وأخذ من كل بدنة بضعة فطبخت وأكلا من لحمها.

قال ابن حزم: وكانت حجته في آذار ولا يتسع النهار لفعل هذا جميعه مع الإفاضة إلى البيت والطواف وصلاة الركعتين ثم يرجع إلى منى والوقت باق.


(١) مختصر الفتاوى (٢٩٥) فيها زيادة من قوله وهذا بيان ف (٢/ ١٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>