والجزية شرعت عقوبة وعوضًا، عن حقن الدم عند أكثر العلماء، وأجرة عن سكني الدار عند بعضهم، ومن قال بالثاني لا يسقطها بإسلام من وجبت عليه ولا بموته، لا جزية على عبد مسلم، وفي عبد الكافر نزاع لأحمد وغيره (١) .
قال ابن القيم رحمه الله: ولما كان في بعض الدول التي خفيت فيها السنة وأعلامها أظهر طائفة منهم كتابا قد عتقوه وزوروه وفيه أن
النبي - صلى الله عليه وسلم - أسقط عن يهود خيبر الجزية، وفيه شهادة علي بن أبي طالب وسعد بن معاذ وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم، فراج ذلك على من جهل سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومغازيه وسيره، وتوهموا بل ظنوا صحته، فجروا على حكم هذا الكتاب المزور، حتى ألقي إلى شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه من طلب منه أن يعين على تنفيذه والعمل عليه، فبصق عليه، واستدل على كذبه بعشرة أوجه.
تزوير اليهود:
منها: أن فيه شهادة سعد بن معاذ، وسعد توفي قبل خيبر.
ومنها: أن في الكتاب أنه أسقط عنهم الجزية، والجزية لم تكن نزلت بعد، ولا يعرفها الصحابة حينئذ فإن نزولها عام تبوك بعد خيبر بثلاثة أعوام.
ومنها: أنه أسقط عنهم الكلف والسخر، وهذا محال فلم يكن في زمانه كلف ولا سخر تؤخذ منهم ولا من غيرهم، وقد أعاذه الله وأعاذ أصحابه من أخذ الكلف والسخر؛ وإنما هي من وضع الملوك الظلمة واستمر الأمر عليها.