قال الشيخ تقي الدين: وقد نص أحمد على أنه لا يستحب تشميت الذمي، ذكره أبو حفص في كتاب الأدب عن الفضل بن زياد، قال: قلت: يا أبا عبد الله لو عطس يهدي قلت له يهديكم الله ويصلح بالكم قال: أي شيء يقال لليهودي؟ كأنه لم يره، قال القاضي: ظاهر كلام أحمد أنه لم يستحب تشميته لأن التمشيت تحية له فهو كالسلام ولا يستحب أن يبدأ بالسلام كذلك التشميت ويدل عليه ما رواه أبو حفص بإسناده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:(إن للمسلم على المسلم ست خصال إن ترك شيئا منهن ترك حقا واجبا عليه: إذا دعاه أن يجيبه وإذا مرض أن يعوده، وإذا مات أن يحضره وإذا لقيه إن يسلم عليه، وإذا استنصحه أن ينصحه، وإذا عطس أن يشمته، أو يسمته) فلما خص المسلم بذلك دل على أن الكافر بخلافه وهو في السنن إلا قوله: حقا واجبا عليه، ولأحمد ومسلم من حديث أبي هريرة: حق المسلم على المسلم ست، وذكره.
قال الشيخ تقي الدين: التخصيص بالوجوب أو الاستحباب إنما ينفى ذلك في حق الذمي كما ذكره أحمد في النصيحة، وإجابة الدعوة لا تنفي جواز ذلك في حق الذمي من غير استحباب ولا كراهة كإجابة دعوته والذي ذكره القاضي وهو ظاهر كلام أحمد أنه يكره، وكلام ابن عقيل إنما نفى الاستحباب، وفي المسألة تعاطس اليهود عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يجيبهم بالهداية، وإذا كان في التهنئة والتعزية روايتان فالتشميت كذلك (١) .
فإذا سلم أحدهم وجب الرد عليه عند أصحابنا وعند عامة العلماء لصحة الأحاديث عنه عليه السلام بالرد.