للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمستحب أن يأخذ الحاج عن غيره ليحج؛ لا أن يحج ليأخذ. فمن أحب إبراء ذمة الميت أو رؤية المشاعر يأخذ ليحج. ومثله كل رزق أخذ على عمل صالح. ففرق بين من يقصد الدين والدنيا وسيلة، وعكسه. فالأشبه أن عكسه ليس له في الآخرة من خلاق. والأعمال التي يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة هل يجوز إيقاعها على غير وجه القربة؟ فمن قال: لا يجوز ذلك لم يجز الإجارة عليها؛ لأنها بالعوض تقع غير قربة «إنما الأعمال بالنيات» والله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما أريد به وجهه. ومن جوز الإجارة جوز إيقاعها على غير وجه القربة، وقال: تجوز الإجارة عليها لما فيها من نفع المستأجر.

وأما ما يؤخذ من بيت المال فليس عوضًا وأجرة؛ بل رزق للإعانة على الطاعة. فمن عمل منهم لله أثيب، وما يأخذه فهو رزق للمعونة على الطاعة، وكذلك المال الموقوف على أعمال البر والموصى به كذلك، والمنذور كذلك، ليس كالأجرة والجعل في الإجارة والجعالة الخاصة (١) .

قال أبو طالب: سألت أبا عبد الله عن الرجل يغسل الميت بكراء؟ قال: بكراء؟! واستعظم ذلك. قلت: يقول: أنا فقير. قال: هذا كسب سوء. ووجه هذا أن تغسيل الموتى من أعمال البر، والتكسب بذلك يورث تمني موت المسلمين فيشبه الاحتكار (٢) .

واتخاذ الحجامة صناعة يتكسب بها هو مما نهي عنه عند إمكان الاستغناء عنه؛ فإنه يفضي إلى كثرة مباشرة النجاسات والاعتناء بها؛ لكن إذا عمل ذلك العمل بالعوض استحقه، وإلا فلا يجمع عليه استعماله في مباشرة النجاسة وحرمانه أجرته. ونهي عن أكله مع الاستغناء عنه مع أنه


(١) اختيارات ص١٥٢، ١٥٣ ولها نظائر لا من كل وجه ف ٢/٣٠، ٢٣١.
(٢) اختيارات ص ١٥٦ ف ٢/ ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>