قال أصحابنا: لا يجوز أن تأخذ الزوجة عوضًا عن حقها من المبيت. وكذا الوطء. ووقع في كلام القاضي ما يقتضي جوازه.
قال أبو العباس: وقياس المذهب عندي جواز أخذ العوض عن سائر حقوقها من القسم وغيره؛ لأنه إذا جاز للزوج أن يأخذ العوض عن حقه منها جاز لها أن تأخذ العوض عن حقها منه؛ لأن كلاً منهما منفعة بدنية. وقد نص الإمام أحمد في غير موضع أنه يجوز أن تبذل المرأة العوض ليصير أمرها بيدها. ولأنها تستحق حبس الزوج كما يستحق الزوج حبسها، وهو نوع من الرق فيجوز أخذ العوض عنه.
وقد تشبه هذه المسألة الصلح عن الشفعة وحد القذف (١) .
ويتوجه أن لا يتقدر قسم الابتداء الواجب، كما لا يتقدر الوطء؛ بل يكون بحسب الحاجة. فإنه قد يقال: جواز التزوج بأربع لا يقتضي أنه إذا تزوج بواحدة يكون لها حال الانفراد ما لها حال الاجتماع. وعلى هذا فتحمل قصة كعب بن سوار على أنه تقدير شخص لا يراعي، كما لو فرض النفقة.
وقول أصحابنا: يجب على الرجل المبيت عند امرأته ليلة من أربع. فهذا المبيت يتضمن شيئين. أحدهما: المجامعة في المنزل. والثانية في المضجع وقوله تعالى:{واهجروهن في المضاجع}[٣٤/٤] مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ولا تهجر إلا في المضجع» دليل على وجوب المبيت
في المضجع، ودليل على أنه لا يهجر المنزل. ونص أحمد في الذي يصوم النهار ويقوم الليل يدل على وجوب المبيت في المضجع، وكذا ما