كما صنع المماليك بمصر، فانفردوا بالأمر غير تاركين لسادتهم الخلفاء سوى سلطة اسمية.
ولم يقدر الخلفاء على مقاومة جميع المطامع التي كانت تحيق بهم، فانقسمت دولتهم إلى إمارات مستقلة، فلما توارى آخر العباسيين عادت بغداد لا تستطيع الادعاء بلقب آخر غير كونها الملجأ الأول لعلوم الشرق وآدابه.
شكل ٢ - ٣: منظر في بغداد بالقرب من مسجد أحمد كهيا (من تصوير فلاندان).
والمغول هم الذين قضوا على الخلافة العباسية، والمغول جيل من الآدميين البدويين يؤلف مع الترك عروقاً مختلفة تعد منها أجلاف هضبة آسية الوسطى الواسعة التي تحدها الجبال الفاصلة لها عن سيبرية من الشمال، والتي تحدها الصين والتبت وبحر قزوين من الجنوب، ويرى علماء وصف الإنسان ولا سيما صديقي العالم الأستاذ دالي، أن الترك والمغول والمماليك، وأهل التبت على ما يحتمل، من أصل واحد يدعي الأرومة المغولية، وظاهرة هذه الأرومة هي هيئة وجوهها الخاصة وجلودها المصفرة الكامدة وشعورها المسندرة ... إلخ، ولا نزال نجد شبها بين التركمان والمغول، ومثل هذا الشبه كان موجوداً في غابر القرون بين الترك الخلص والمغول لا ريب، فقد ذكر رشيد الدين في تاريخه عن المغول، الذي ألفه في القرن الثالث عشر، أن المغول والترك متشابهون تشابهاً يستوقف النظر، وأن اسم هذين الجيلين كان واحداً في غابر الأزمان.