ومن المستحيل أن ترى اليوم قرابة بين المغول وترك أوربة، ويرجع ذلك، لا ريب، إلى تزوجهما في قرون كثيرة بنساء من العرق القفقاسي كالكرجيات والشركسيات، والفارسيات على الخصوص.
واستولى المغول على بغداد سنة (٦٥٦ هـ/١٢٥٨ م) وخربوها تماماً، وخنقوا آخر العباسيين، المستعصم بالله، بأمر رئيس الغالبين «هولاكو» ونهبوا ما في بغداد من الأموال، وحرقوا كتبها التي جمعها قبل هذه الكارثة الهائلة محبو العلم وألقوها إلى نهر دجلة، فتألف منها جسر كان يمكن الناس أن يمروا عليه رجالاً وركباناً، وأصبح ماء دجلة أسود من مدادها، كما روى قطب الدين الحنفي.
شكل ٢ - ٤: منظر في بغداد (من تصوير فلاندان).
ولكن أولئك الوحوش الضارية الذين أضرموا النار في المباني، وأحروقوا الكتب، وخربوا كل شيء نالته أيديهم خضعوا لسلطان حصارة المغلوبين بدورهم، حتى إن «هولاكو» الذي خرب بغداد وأمر بجر جثة آخر العباسيين تحت أسوارها بهرته عجائب حضارة العرب الجديدة في نظره، فلم يلبث أن صار من حماتها، وفي المدرسة العربية تمدن المغول، واعتنقوا دين العرب وحضارتهم، وشملوا متفنني العرب وعلماءهم برعايتهم، وأقاموا في بلاد الهند دولة قوية عربية من فورهم كما يمكن أن يقال، وذلك