شكل ٤ - ٦: داخل مسجد عمرو بن العاص (من تصوير كوست).
وكانت جزيرة فاروس تواجه الإسكندرية، وتقوم عليها المنارة الشهيرة التي صنعت من الرخام الناصع، والتي كان نورها يرى من مسافة عشرة فراسخ من البحر، فتعد من عجائب الدنيا السبع، وكانت تتصل تلك الجزيرة بالبر بطريق معبدة طولها ١٢٠٠ متر.
أقام عمرو بن العاص حامية في الإسكندرية بعد الاستيلاء عليها، وأرسل كتائبه إلى داخل مصر، فاختارت مكاناً على شاطئ النيل حيث نصب فسطاطه، وأنشأت أكواخاً مؤقتة لم تلبث أن بدلت، بعد مدة قصيرة، بيوتاً للجنود وقصوراً للقادة، وكانت هذه الأبنية نواة لمدينة القاهرة المنافسة القادمة لبغداد، وسميت بالفسطاط، نسبة إلى الفسطاط الذي نصبت عليه.
وراق مكان الفسطاط عمرو بن العاص، فعزم على جعله عاصمةً له فحصنه بالأسوار مقيماً عليه بيته، وقد ظل ذلك المكان عاصمة لمصر من زمن عمرو، أي منذ أكثر من اثني عشر قرناً.
ودل ما قام به عمرو بن العاص من تنظيم مصر على عظيم حكمته، وعامل عمرو بن العاص الفلاحين بما لم يعرفوه من العدل والإنصاف منذ زمن طويل، وأنشأ للمسلمين وحدهم محاكم منظمة دائمة ومحاكم استئناف، فإذا كان أحد الخصوم مصرياً