شكل ٨ - ٨: إناء عربي مصنوع من النحاس المكفت، ويعرف بإناء معمودية سان لويس (متحف اللوفر).
صناعة النسائج الحريرية والصباغة المتقنة، وعن سورية أخذ عمال الحملات الصليبية التي دام أمرها قرنين وصانعو أسلحتها ومهندسوها ونجاروها ومن إليهم ما كانوا يجهلون من المعارف الصناعية، وذلك في أثناء إقامتهم الطويلة بها.
وكان تأثير فنون الشرق في الغرب عظيماً أيضاً، فقد نشأ عن إيلاف الصليبيين ضروب منتجات الشرق الممتد من القسطنطينية إلى مصر تهذيب أذواقهم الغليظة، ولم يلبث فن العمارة أن تحول في أوربة تحولاً تاماً، ولا يصعب علينا، والحالة هذه، أن نثبت في فصل آخر قوة تأثير آثار حضارة العرب في أطواره الأولى.
وأما استفادة الصليبيين من علوم العرب الخالصة فكانت ضعيفة إلى الغاية خلاقاً لما ذهب إليه كثير من المؤرخين؛ فالجيوش الصليبية إذ كانت جاهلة للعلماء لم تكن لتبالي بالمعارف والأصول مبالاتها بشكل البناء أو الأسلوب الصناعي.
وإذا كنت لم أقل إن تأثير الصليبيين في تقدم أوربة العلمي صفر فلما بين العلوم والصناعات من الصلة، ولما تجر إليه إحداهما إلى بحث قليل في الأخرى غالباً.
ولا يحتج علينا بأن القرون الوسطى استنبطت معارفها العلمية والأدبية من مؤلفات الشرقيين، فالواقع أن تلك المعارف لم تدخل أوربة بفضل الحروب الصليبية قط كما تبين ذلك في فصل آخر.
ولم يكن تأثير آداب العرب في الصليبيين صفراً، بل كان كذلك، ضعيفاً جداً، أي استوحاها كثير من شعراء الغرب وكتابهم، فكان سحرة مصر وعجائب الشرق وغودفروا