المآذن: أوجبت ضرورةُ دعوة المؤمنين إلى الصلاة، وَفْقاً لأحكام الدين، إقامةَ المآذن فوق جميع المساجد الإسلامية كما هو معلوم، وتختلف أشكال هذه المآذن باختلاف البلدان اختلافاً أساسياً، فهي مخروطة الشكل في بلاد فارس، ومُربعةٌ في بلاد الأندلس وإفريقية، وأسطوانيَّةٌ ذاتُ مِطفأةٍ في أعلاها في تركية، ومتنوعة الشكل في كل طبقة منها بمصر.
ونرى الكثير من مآذن مصر، ولا سيما مِئذنة قايتباي في القاهرة، من العجائب، ولا شيء أدل على دقة العرب وذوقهم الفني من قدرتهم على تحويل البروج البسيطة، ويتجلى الفرق الكبير بين ذوق العرب الفني، وذوق الترك عند مقابلة تلك المآذن العربية بالمآذن التركية على الخصوص.
ومآذنُ العرب، كأكثر مبانيهم، مُتَوَّجةٌ -على العموم- بأنواع الشُّرف ذات الأشكال المختلفة المعروفة بأقسام الحواجز الواقعة بين الكُوَى، ونعدُّ من هذه الأشكال: الدُّرَقَ، والنصل، والحربة، والمنشار ... إلخ، والمناور، وإن عُرِفت في بلاد فارس أيام بني ساسان، كانت أشكالها أقلَّ تنوعًا من تلك بدرجات.
القِبَاب: ليست القباب مما اخترعه المسلمون وإن كان أصل الكلمة عربياً، فقد كانت القباب معروفة عند البيزنطيين، وكان للأكاسرة من بني ساسان قِبابٌ في قصورهم، وإنما العرب هم الذين ابتكروا القِباب الهيف ذاتَ الخَصر، ويتألف من مرور مقطع القُبة العربية العمودي من مركزها خطٌّ مُنحنٍ يذكِّرنا بشكل القوس العربية، ثم أفرط الفرس في حَنْو قِبابهم، فانتهوا إلى شكلها البَصَلِيِّ الذي سنتكلم عنه قريباً.
ويختلف شكل القباب العربية باختلاف البلدان؛ فهي منخفضة في إفريقية، ولا سيما القيروان، انخفاضَ القباب البيزنطية، ويُرى على كل مسجد فيها عدةُ قباب من هذا الطراز، والقِباب في مصر -على العموم- هي من الطراز التي وَصَفْنَاه آنفاً، ولا تُرَى على المساجد فيها، بل على المزارات أو على الحجرات المجاورة للمساجد والمشتملة على أضرحة، وكلما شاهدت في مصر قبَّةً على مسجد أمكنك أن تقطع بوجود ضريح فيه.
وهنالك بعض الشبه بين القباب المصرية والقباب السورية، أو قُبة جامع عمر ذات الخصر الضيق قليلاً على الأقل، وإن كانت القباب السورية أقلَّ هَيَفاً، وأكثر وزنًا، وعاطلةً من الزخارف الخارجية.