شكل ٢ - ٣: فتى عربي من مصر العليا (من صورة فوتوغرافية التقطها المؤلف).
كانوا يرغبون في نشره في العالم، ولو فعلوا هذا لتألبت عليهم جميع الأمم التي كانت غيرَ خاضعة لهم بَعدُ، ولأصابهم مثلُ ما أصاب الصليبيين عندما دخلوا بلاد سورية مؤخراً، ولكن العرب اجتنبوا ذلك، فقد أدرك الخلفاء السابقون الذين كان عندهم من العبقرية السياسية ما نَدَر وجوده في دعاة الديانات الجديدة، أن النظم والأديان ليست مما يُفرض قسراً، فعاملوا، كما رأينا، أهل سورية ومصر وإسبانية وكل قطر استولَوا عليه بلطف عظيم تاركين لهم قوانينَهم ومعتقداتهم غيرَ فارضين عليهم سوى جزية زهيدة، في الغالب، إذا ما قيست بما كانوا يدفعونه سابقاً، في مقابل حفظ الأمن بينهم، فالحق أن الأمم لم تعرف فاتحين متسامحين مثل العرب ولا ديناً مثل دينهم.
وما جَهله المؤرخون من حِلْم العرب الفاتحين وتسامحهم كان من الأسباب السريعة في اتساع فتوحهم، وفي سهولة اعتناق كثير من الأمم لدينهم ونُظُمهم، ولغتهم التي