للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعَيَّرَنِي الوَاشُوْنَ أَنِّي أُحِبُّهَا ... وتلْكَ شِكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا

فَمَعْنَى قَولهِ: "والشَّمْسُ في حُجْرَتهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ": أَيْ: تَخْرُجُ عَنْهَا وتَرْتَفِعُ، والفُقَهَاءُ يَقُوْلُوْنَ: مَعْنَاهُ: قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ الظِّلُّ عَلَى الجِدَارِ، وَهُوَ نَحْو مِمَّا ذَكَرْنَاهُ، والَّذي قُلْنَا أَلْيَقُ بلَفْظِ الحَدِيْثِ؛ لأنَّ الضَّمِيْرَ في قَوْلهِ: "تَظْهَرُ" رَاجع على الشَّمْسِ، ولَمْ يتقَدَّم للظِّلِّ في الحَدِيْثِ ذِكْرٌ. وكُلُّ بِنَاءٍ أَحَاطَ بِهِ حَائِط فَهُوَ حُجْرَةٌ، وهُوَ مُشْتَقٌّ منْ قَوْلهِمْ: حَجَرْتُ الشَّيْءَ: إِذَا مَنَعْتُهُ، وحَجَرَ القَمَرُ: إِذَا صَارَتْ حَوْلَهُ دَارَةٌ، سُمِّيَتْ بِذلِكَ؛ لأنَّهَا تَمْنَعُ مَنْ دَخَلَهَا مِنْ أنْ يُوْصَلَ إِلَيْهِ، وَمِنْ أَنْ يُرَى، ويُقَالُ لِحَائِطِ الحُجْرَةِ: الحِجَازُ (١).


= هَلِ الدَّهْرُ إلَّا لَيْلَةٌ ونَهَارُهَا ... وَإِلَّا طُلُوع الشَّمْسِ ثُمَّ غَيَارُهَا
أَبَى القَلْبُ إِلَّا أَمَّ عَمْرٍو وَأَصْبَحْتَ ... تُحَرِّقُ نَارِي بالشِّكَاةِ وَنَارُهَا
وعَيَّرَني الوَاشُوْنَ .............. ... ............ البيت
فَلَا يَهْنَأُ الوَاشِوْنَ أَنْ قَدْ هَجَرْتُهَا ... وَأَظْلَمَ دُوْنِيْ لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا
فَإِنْ اعْتَذِرْ مِنْهَا فَإِنّي مُكذَّبٌ ... وإِنْ تَعْتَذِرْ يُرْدَدْ عَلَيْنَا اعْتِذَارُهَا
وتَمَثَّلَ ابنُ الزُّبَيْرِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بالبَيْتِ المَذْكُوْرِ عِنْدَمَا عَيَّرَهُ رَجُلٌ بِأُمِّهِ ذَاتِ النّطَاقَيْنِ، كَذَا قَال الصَّفَدِيُّ في الوَافِي بالوَفَيَات (٩/ ٥٨)، وَتَمَثَّلَ بِهِ ابنُ الجَوْزِيِّ رَحمه اللهُ عِنْدَمَا قِيْلَ لَهُ: "فِيْكَ عَيْبٌ أنَّكَ حَنْبَلِيٌّ" كَذَا قَال الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ في ذَيْلِ الطبقَاتِ (١/ ٤٠٤)، والبُرْهَانُ بنُ مُفْلحٍ في المَقْصَدِ الأرْشَدِ (٢/ ٩٥)، وغَيْرهُمَا. والشَّاهِدُ في الصِّحَاحِ، واللِّسَانِ، والتَّاجِ (ظهر) و (شكى). ويُرَاجَع: أَضْدَادُ السِّجِسْتَانِي (١٤٦)، وجَمْهَرَة ابنُ دُرَيْد (٢/ ٨٧٨)، وأَضْدَاد ابن الأنْبَارِي (٥٧)، وأَضداد أبي الطَّيْب اللُّغوي (٤٧٩)، وتَهْذِيب اللُّغة (١٠/ ٢٩٨)، والحَمَاسَة (٢٣٨)، والخِزَانَة (٤/ ١٥٣).
(١) في (س): "الحجازية".