للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وَمَعْنَى "غَرَبَتِ الشَّمْسُ": بَعُدَتْ فَلَمْ تُدرِكْهَا الأبْصَارُ، ومنه سُمِّيَ الغَرِيْبُ لِبُعدِهِ عَنْ أَهلِهِ. وَسُمِّيَ أَوَّلُ اللَّيْلِ عِشَاءً؛ لأنَّه يُعْشِي العُيُونَ فَلَا تَرَى شَيْئًا إلَّا عَنْ ضَعْفٍ مِنَ النَّظَرِ.

- وَ"العَتَمَةُ مِنَ اللَّيْلِ": قَدْرُ ثُلُثِهِ، وبذلِكَ سُمِّيت الصَّلاةُ. وقِيْلَ: سُمِّيَت [عَتَمَة] (١) لتَأخُّرِهَا؛ من قَوْلهِمْ: فُلانٌ يَأْتِيْنَا ولا يُعْتِمُ؛ أَيْ: لَا يُؤَخّرُ، وَعَتَمَةُ الإبِلِ: رُجُوْعُهَا مِنْ مَراعَاهَا بَعْدَ مَا تُمْسِي، وَنَاقَةٌ عَاتِمٌ: إِذَا تأَخَّرَ حَمْلُهَا وأَبْطَأ، قَال الشَّاعِرُ -يَمْدَحُ قَوْمًا-: (٢)

إِذَا غَابَ عَنكمْ أَسْوَدُ العَيْنِ كُنْتُمُ ... كِرَامًا وَأَنْتُم مَا أَقَامَ أَلائِمُ

تَحَدَّثُ رُكْبَانُ الحَجِيْجِ بِلُؤمِكُمْ ... ويَقْرِي بِهِ الضَّيْفَ اللَّقَاحُ العَوَاتِمُ

وَقَال أَصْحَابُ المَعَانِي في تَعْبِيْرِ هَذَيْنِ البَيْتينِ: أَسْوَدُ العَيْنِ: جَبَلٌ مَعْرُوْفٌ، يَقُوْلُوْنَ: لَا يكُوْنُونَ كِرَامًا حَتَّى يَزُوْلَ هَذَا الجَبَلُ عن مَوْضِعِهِ. وقَال بعضُهُم: إِنَّمَا أَرَادَ لا يكُوْنُوْنَ كِرَامًا مَا دَامَ فِيْكُم رَجُل أَسْود العَيْن، [وَهَذَا] (٣)


(١) في الأصل: "صلاةً" وجاء في الصِّحَاحِ للجَوْهَريِّ: (عَتَمَ): "العَتَمَةُ: وَقْتُ صَلاةِ العَشَاءِ، وقَال الخَلِيْلُ: العَتَمَةُ: هو الثلُثُ الأوَّلِ مِنَ اللَّيْلِ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ ... واعتَمْنَا من العَتَمَةِ، كَمَا يُقَالُ لَكَ أَصْبَحْنَا من الصُّبْحِ". وفي الأصْلِ: "سُميَتْ صَلاة ... ". ويُنْظر: العَيْن (٢/ ٨٢)، ومُخْتَصره (١/ ١٥٥)، واللسان، والتَّاج: (عَتَمَ).
(٢) أَنْشَدَهُمَا ابنُ الأنْبَارِي في الزَّاهر (٢/ ٢٤٤)، وهما في اللسان: (عين) للفَرَزْدَقِ، و (عَتَمَ) دُوْنَ نِسْبة، والأوَّلُ في "مُعْجَمِ البُلْدَانِ" (١/ ٢٢٨)، عن القَالِي على أنَّ "أَسْوَدَ العَيْنِ" مَوْضِعٌ، والثاني في "المَعَانِي الكَبِيْر" (١/ ٥٦١)، ولم أجِدْهُمَا في ديوان الفَرَزْدَقِ.
(٣) في الأصل: "وهكذا".