للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلَهُمْ: قَدْ كَانَ مِنْ مَطرٍ أَنّها "مِنْ" الَّتي يُرَادُ بِهَا التَّبْعِيْضِ، وَفِي الكَلامِ حَذْفٌ، تَقْدِيْرُهُ: قَدْ كَانَ صَوْبٌ مِنْ مَطَرٍ، أَوْ جُزْءٌ ونَحْوٌ ذلِكَ، ويَجِبُ أَن يَكُوْنَ تَقْدِيْرُ الحَدِيْثِ على مَذْهَب سِيْبَوَيْهِ: وَقَدْ رَأَى مَا عَظُمَ عَلَيْهِ مِنْ فَزَعِهِمْ، أَوْ دَائِرًا مِنْ فَزَعِهِمْ مَا عَظُمَ عَلَيْهِ، ونَحْوَ ذلِكَ، فَحَذَفَ بَعْضَ الكَلامِ اخْتِصَارًا، كَمَا حَذَفَ مِنْ قَوْلهِ: "يَا بِلالُ" والعَرَبُ تَحْذِفُ من الكَلامِ مَا لَا يتِمُّ المَعْنَى إلَّا بِهِ إِذَا فُهِمَ المُرَادُ كَقَوْلهِ تَعَالى (١): {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} المَعْنَى: فَحَلَقَ؛ لأنَّه لَا تَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ إِلَّا أَنْ يَحْلِقَ، وَكَذلِكَ قَوْلُه (٢): {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} المَعْنَى: واللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ فَعِدَّتُهُنَّ كَذلِكَ، ومِثْلُهُ قَوْلُ النَّمِرِ بنِ تَوْلَبٍ (٣):


(١) سورة البقرة، الآية: ١٩٦.
(٢) سورة الطلاق، الآية: ٤.
(٣) النَّمرُ بنُ تَوْلَبِ بنِ زُهَيْرٍ العُكْلِيُّ، شَاعِرٌ جاهِلِي، أَدْرَكَ الإسْلامَ فَأسْلَمَ، ولَهُ صُحْبةٌ وَوفَادَةٌ عَلَى النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، كَانَ سَيِّدًا، كَرِيْمًا، لم يَمْدَحْ أحَدًا ولا هَجا أَحَدًا، من ذَوي النعْمَةِ والوَجَاهَةِ. مَاتَ في زَمَنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يْمَا يَظْهَرُ. جَمَعَ شِعْرُهُ الدُّكْتُور نوري حمُّودي القيسيُّ، وطبع في بغداد سنة (١٩٦٨ م) ثمَّ ألحقه في شعراء إسلاميُّون بَعْدَ ذلِك.
أَخْبَارُهُ في: الأغاني (٢٢/ ٢٧٣)، والإصابة (٦/ ٤٧٠)، وخِزَانَة الأدب (٣٢١)، شعره "شعراء إسلاميّون" (٣٧٨) وصَدْرُهُ هُنَاكَ:
* فإنَّ المَنِيَّةَ مَنْ يَخْشَهَا *
ويُراجع: تأويل مشكل القرآن (١٦٨)، والمَعاني الكبير (١٢٦٤)، وأدب الكاتب (٢١٤)، وشرحه "الاقتضاب" (٣/ ١٨٤)، وشرحه للجوليقي (٢٥٨)، والجمل (٢٧٣)، وشرح أبياته "الحُلَل" (٣٤٤)، وهو في التصريح (٢/ ٢٥٢)، وغيرها. وقبل البيت: =