للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلَ الشَّافِعِيِّ إِنَّ البَاءَ عِنْدَهُ للتَّبْعِيضِ فَقَال (١): هَذَا خَطَأٌ، وإِنَّمَا البَاءُ للإلْصَاقِ، وَمَا قَالهُ الشَّافِعِيُّ غَيرُ مَعْرُوْفٍ في كَلامِ العَرَبِ، ومَعْنَى قَوْلهِ [تَعَالى] (٢): {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} أَلْصِقُوا المَسْحَ بِرُؤُوْسِكُمْ، وَيَجُوْزُ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً للتَّأْكيدِ كالَّتِي في قَوْلهِ تَعَالى (٣): {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)}، وقَال الرَّاجِزُ (٤):


= مِنْهُمُ الأصْمَعِيُّ، وَابْنُ قُتَيبَةَ، وَأَبُو عَلِيٍّ الفَارِسِيُّ، وَبِهِ قَال جَمَاعَةٌ من الكُوْفِّيِينَ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابنِ مَالِكٍ وَأَبِي حَيَّانَ، وَكَثيرٍ مِنَ المُتَأَخِّرِينَ. يُراجع: البحر المحيط (٣/ ٤٣٦)، والجنى الداني (٤٢)، وغيرهما. والحَدِيثُ هُنَا يَطُوْلُ، وَهُوَ مُفَصَّل فِي المُطَوَّلَاتِ النَّحْويَّةِ.
وَخُلاصَةُ القَوْلِ: أنَّه يُوَافِقُ الإمَامَ الشَّافعيَّ جماعةٌ من الفُقَهَاء في جَوَازِ مَسْحِ الرَّأْسِ، وهو مَنْقُولٌ عن الإمَامِ أَحْمَدَ، وهو جَائِزٌ لُغَةً وَافَقَهُ على ذلِكَ جَمَاعَةٌ من أَهْلِ اللُّغَةِ والنَّحْو كَمَا سَبَقِ. فَجَزَاهُ اللهُ خَيرًا منْ إمامٍ مَا أوْسَعْ عِلْمَهُ؟ ! .
(١) في (س): "فيقالُ".
(٢) سورة المائدة، الآية: ٦.
(٣) سورة العلق.
(٤) قبله:
نَحنُ بَنِي جَعْدَةَ أرْبَابَ الفَلَجْ
نَحْنُ مَنَعْنَا سَيلَهُ إِذَا اعْتَلَجْ
وهو على هَذِهِ الرِّوايةِ للنَّابِغَةِ الجَعْدِيِّ، وهو في مُلْحَقَاتِ ديوانه (٢١٦). ويُروى:
* نُحْنُ بَنِي ضَبَّةَ أَرْبَابَ الفَلَجْ *
فَلَا يَكُوْنُ على هَذ الرِّوايةِ لَهُ؛ لأنَّه لَيسَ مِنْ ضَبَّةَ ولا تَرْبُطُهُ بِهِمْ صِلَةٌ. ويُراجع: تَأْويل مُشْكِل القُرآن (٢٤٩)، والمُخصص (١٤/ ٧٠)، والمدخل للسَّمَرْقَنْدِيِّ (٣٤٣)، وشرح التُّبْرِيزِيِّ (١/ ١٩٧)، والفَلَجُ المذكورة في البيت: "مَدِينَةٌ بأرضِ اليَمَامَة لِبنَي جَعْدَةَ، وقُشَير، وكَعْبُ بنِ رَبِيعَةَ بن عَامِرِ بنِ صَعْصَعَةَ" كَذَا قال الحَمَويُّ في مُعْجَمِ البُلدان (٤/ ٣٠٧)، وأَنْشَدَ بيتَ النَّابِغَةِ الجَعْدِيِّ المذكور هُنَا. ونَقَلَ يَاقُوت أَنَّها بَلَدُ مُضَرَ، وضَبَّةُ وجَعْدَةُ من مُضَرَ.