للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَمَّا رَأَى أَنْ لَا دَعَهْ ولَا شِبِعْ

مَال إِلَى أَرْطَاةِ حِقْفٍ فَالْطَجَعْ

وَقَوْلُهُ [تَعَالى] (١): {إذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ}: تأْويلُهُ: إِذَا أَرَدْتُمُ القِيَامَ، فَتَرَكَ ذِكْرَ الإرَادَةِ وهي السَّبَبُ واكتَفَى بِذِكْرِ المُسَبَّبِ عَنْهُ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ [تَعَالى] (٢): {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} ومِثْلُهُ (٣): {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا} أَي: أَرَدْنَا إِهْلَاكَهَا؛ لأنَّ مَجِيءَ البَأْس إِنَّمَا يَكُوْنُ قَبْلَ الهَلَاكِ، وَقَال ابنُ جِنِّي (٤) مَعْنَاهُ: إِذَا تَأَهَّبْتُمْ لِلصَّلَاةِ، ونَظَرْتُمْ في أَمْرِهَا، وَلَيسَ يُرَادُ بالقِيَامِ هُنَا المُثُوْلُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ القُعُوْدِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلهِمْ: قُمْتُ بالأمْرِ: إِذَا تَوَلَّيتَهُ ونَظَرْتَ فِيهِ كَقَوْلِ


= وردا في معاجم اللُّغة في الصِّحاح، واللِّسان، والتَّاج (أبز) (أرط) (ضَجَعَ). ونَقَلَ الإمامُ أَبُو حَيَّانَ الأَنْدَلُسِيُّ في "تَذْكِرَةِ النُّحَاةِ" (٤٢٢) عن أَبي مُحَمَّدٍ الأعْرَابِيِّ الأَسْوَدِ العُنْدُجَانِيِّ في كتاب "زَلَّاتِ العُلَمَاءِ" وهو ردُّ ابنِ الأعْرَابِيِّ المَذْكُورِ على الفَرَّاءِ في رِوَايَتِهِ هَذَا البَيتِ -وَهِيَ رِوَايَةُ الجَمَاعَةِ- فَقَال: قَال أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا البَيتُ فَاسِدٌ، والثَّانِي لَيسَ مِنْهُ وأَنْشَدَ أَبُو مُحَمَّدٍ أُرْجُوْزَة فِيهَا طُوْلٌ، مِنْهَا:
وَخَنَّسَ السَّرْحَانُ عَنْهَا وَطَلَعْ
وَظَنَّ أَنْ لَا دَعَةٌ ولَا شِبَعْ
والبَيتَانِ المَذْكُوْرَانُ هُنَا وَمَعَهُمَا بَيتَان آخَرَان في "تهذيب الإصلاح"، وفي "ترتيبه" أيضًا، ويظهر أنَّهُمَا نَقَلَاهَا عن "شَرْح أَبيات الإصْلَاحِ" لابن السِّيرافي وهي روايةُ الجَمَاعَةِ أَيضًا.
الحِقْفُ: المِعْوَجُّ من الرَّمْلِ، ومنه صَحْرَاءُ الأَحْقَافِ.
(١) سُورة المائدة، الآية: ٦.
(٢) سورة النَّحل، الآية: ٩٨.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ٤.
(٤) سِرُّ صَنَاعَة الإعراب (٢/ ٦٣٣).