للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَلكِنَّ العَرَبَ قَدْ يَحْذِفُوْنَ "أَنْ" في بَعْضِ المَوَاضِعِ يَرْفَعُوْنَ الفِعْلَ المُضَارعَ كَقَوْلهِ تَعَالى (١): {قُلْ أَفَغَيرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا} وَقَوْلُ مَالِكٍ هَذَا كَقَوْلهِمْ (٢): "تَسْمَعُ بِالمُعَيدِي خَيرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ". فَمِنَ النَّحْويِّينَ مَنْ يَرَى أَنَّ الفِعْلَ المُضَارعَ أُسْنِدَ إِلَيهِ فِي هَذَا المَوْضِعِ، وأُخْبِرَ عَنْهُ لِمَا بَينَهُ وبَينَ الاسْمِ مِنَ المُضَارَعَةِ، ومِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُ هَذَا ولا يُجِيزُه إِلَّا بـ "أَنَّ" ويُحْتَمَلُ قَوْلُ مَالِكٍ أَن يَكُوْنَ مِثْلَ هَذَا المَثَلِ، وَالأجْوَدُ أَنْ يَكُوْنَ "يَؤُمُّهُمْ غَيرُهُ" إِخْبَارًا مَعْنَاهُ مَعْنَى الأمْرِ كَقَوْلهِ [تَعَالى] (٣): {يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} ويَكُوْنَ قَوْلُهُ: "أَحَبُّ إِلَيَّ" مَرْفُوْعًا عَلَى خَبَرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوْفٍ، كَأَنَّهُ قَال: لِيَؤُمَّهُمْ غَيرُهُ فَذَاكَ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الشُّذُوْذِ.

- قَوْلُهُ: "سِبَاخًا كانَ أوْ غَيرَهُ" كَذَا الرِّوَايَةُ، وَكَانَ الوَجْهُ: أوْ غَيرَهَا؛ لأنَّ السِّبَاخَ مُؤَنَّثَةٌ، وَهِيَ جَمْع سَبِخَةٌ، وَلكِنَّه ذَكَّر الضَّمِيرَ عَلَى مَعْنَى


(١) سورة الزُّمر، الآية: ٦٤.
(٢) مَثَلٌ مَشْهُوْرٌ كَثيرُ الوُرُوْدِ في كُتُبِ الأمْثَالِ والأدَبِ واللُّغَةِ والنَّحْو. فمن كُتُبِ الأمْثَالِ: جمهرة الأمثال (١/ ٢٦٦)، والفاخر (٢٦٥)، وأمثال أبي عبيد (٩٧)، وشرحه (١٣٥)، والوسيط (٨٣)، وتمثال الأمثال (٣٩٥)، وَغَيرُهَا. ومنْ كُتُبِ الأَدَبِ: البيان والتبيين (١/ ١٧١، ٢٣٧)، والعقد الفريد (٢/ ٢٨٨)، واللآلى للبكري (٦١٣)، وخزانة الأدب (١/ ٣١٢، ٢/ ١٤، ٥/ ٣٦٤، ٨/ ٥٥٦) ... وغيرها. ومِنْ كُتُبِ النَّحْو: الكِتَاب لسيبويه (٤/ ٤٤) (هارون)، وشرحه للسيرافي (٨/ ٦٨) (مخطوط)، والخصائص (٢/ ٣٧٠، ٤٣٤)، ومُغني اللَّبيب (٢/ ٥٩٢، ٦٤١)، وشرح الكافية (١/ ٢٥٥، ٢/ ٢٤٨). ومِنْ كُتِبِ اللُّغَةِ: الصِّحاح للجوهري (٢/ ٥٠٦)، واللِّسان، والتَّاج (معد).
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٣٣.