للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجُمَلَ الوَاقِعَةَ مَوْقعَ الخَبَرِ لَا يَجُوْزُ دُخُوْلُ الوَاو عَلَيها، فَإِنْ جَعَلْتَها جملَةً في مَوْضِعِ نَصبٍ عَلَى الحَال بَقِيَ المُبْتَدَأُ بِلا خَبَر، وَلَم يَكُنْ في الكَلامِ عَامِل يَعمَلُ في هذهِ الحَال، وألا يَصحّ أَنْ يُقَال: إِنها حَال سَدَّتْ مَسَدَّ الخَبَرِ؛ لأنَّ الأحوَال لَا تَسُدّ مَسَدَّ الأخْبَارِ إِلَّا إِذَا كَانَ المُبْتَدَأُ مَصدَرًا أَوْ فِي تَأْويلِ المَصدَرِ؛ لأنَّه لَيسَ ههنَا عَامِل يَعمَلُ في الحَال؟ ! .

والوَجْهُ -في ذلِكَ- أَنْ يُجْعَلَ خَبَرُ المُبْتَدَأ مَحْذُوْفًا، وَالجُملَةُ الَّتِي بعدَ "إِلَّا" في مَوْضِعِ نَصب عَلَى الحَال، مِنَ الضَّمِيرِ الَّذِي في الخَبَرِ، وَيَكُوْنُ الخَبَرُ المُقَدَّرُ هُوَ العَامِلُ في هذهِ الحَالِ فَكَأَنَّهُ قَال: مَا دَابَّة مَوْجُوْدة إلَّا وَهِيَ مُصِيخة. وَإِنْ جَعَلْتَ الوَاوَ زَائِدَةً -عَلَى مَذْهبِ من يُجِيزُ زِيَادَتَها- كَانَتِ الجُملَةُ في مَوْضِعِ خَبَرٍ المُبْتَدَأ. و"الشَّفَقُ" [١٦] الإشْفَاقُ، قَال أَبُو شَجَرَةَ (١):

مَا زَال يَضْرِبُني حَتَّى خَذَيتُ لَهُ ... وَحَال مِنْ دُوْنِ بَعضِ الرَّغْبَةِ الشَّفَقُ

- و"التَّوْرَاة": فَوْعَلَة، وأصلُها وَوْرَيَةٌ، مِنْ وَرَى الزَّنْدُ يَرِي: إِذَا خَرَجَتْ مِنْهُ النَّارُ عِنْدَ القَدحِ، سُمِّيَتْ بِذلِكَ؛ لأنَّها نُوْر وَهُدًى، كَمَا قَال تَعَالى (٢): {هُدًى وَنورٌ} وَوَزنُها عِنْدَ الكُوْفِيِّينَ تَفْعِلَة وأَصلُها تَوْرِيَة، والتَّاءِ عِنْدَهُم زَائِدَ،


(١) هو أبو شَجَرَةَ عمرو بن عبد العُزَّى السَّلَمِي الشَّاعرُ ابنُ الخَنْسَاء (الإصابة: ٤/ ٦٥٧). البيتُ لَهُ من أبياتٍ في الكَامِل للمُبَرِّد (٥٠٤)، وَمَعْنَى خَذَيتُ: خَضَعْتُ: وفي اللِّسَانِ: (خَذَا): "اسْتَخْذَيتُ-: خَضَعتُ، وَقَد يُهْمَزُ وقِيلَ لأعرَابِي في مَجْلِسِ أَبِي زَيدٍ: كَيفَ استَخْذَأْتَ؟ لِيُتَعَرَّفَ مِنْهُ الهمزُ- فَقَال: العَرَبُ لا تَسْتَخْذيءُ فَهمَزَ".
(٢) سُورة المائدة، الآية: ٤٤، والآية: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا ... }.