للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى التَّحْقِيرِ والتقليلِ مُبَالغَةً كَقَوْلِ القَائِلِ: لَوْ مَنَعْتَنِي حَبَّةً مَا تَرَكْتُهَا عِنْدَكَ، وَوَاللهِ لَا تَرَكْتُ عِنْدَكَ مِنْ حَقِّي جَنَاحَ بَعُوْضةٍ، أَي: مَا يَزِنُ الحَبَّةَ وجَنَاحَ البَعُوْضَةِ. وَقَال قَوْمٌ: مَعْنَاهُ: لَوْ كَانَ لِي عِنْدَهُمْ عِقَالًا يُعْقَلُ بِهِ البَعِيرُ ثُمَّ مَنَعُوْنِي إِيَّاهُ لَجَاهَدْتُهُمْ عَلَيهِ. وَرُويَ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ مَسْلَمَةَ (١) كَانَ عَامِلًا عَلَى الصَّدَقَةِ في زَمَانِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ يَأْمُرُ الرَّجُلَ إِذَا جَاءَ بِفَرِيضَتينِ أَنْ يَأْتِيَ بِعِقَالِهِمَا وقِرَانِهِمَا. وَرُويَ أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ كَانَ يَأْخُذُ مَعَ كُلِّ فَرِيضَةٍ عِقَالًا وَرَوَاءً فَإِذَا جَاءَتْ إِلَى المَدِينَةِ بَاعَهَا ثُمَّ تَصَدَّقَ بِتِلْكَ العُقُلِ. والأرْويَةِ، قَال الوَاقِدِيُّ (٢): هَذَا رَأْيُ مَالِكٍ وَابنِ أَبِي ذِئْبٍ (٣).


= الحَدِيثِ، والشَّوَاهِد في كَلَامِ العَرَبِ على القَوْلِ الأَوَّلِ أكْثَرُ، هُوَ أَشْبَهُ عِنْدِي بالمَعْنَى".
(١) هُوَ: مُحَمدُ بنُ مَسْلَمَة بن سَلَمَة، صَحَابِيٌّ، أَنْصَارِيٌّ، قَدِيمُ الأسْلَامِ، شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَدْرًا فَمَا بَعْدَهَا إلا تَبوْك، فإنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَذِنَ لَهُ أن يُقيمَ في المَدِينَة. وهو مِمَّن سُمِّيَ في الجَاهِلِيَّةِ مُحَمَّدًا، وَكَانَ مِمَّن ذَهَبَ إِلَى قَتْلِ كَعْبِ بنِ الأشْرَفِ وإلى ابنِ أَبي الحُقَيقِ. وَكَانَ مِمَّن اعْتزَلَ الفِتْنَةَ فلم يَشْهَدْ الجَمَلَ ولا صِفِّينَ. مَاتَ في المَدِينَةِ سَنَةَ (٤٦ هـ). أخبارُهُ في: طبقات ابن سعد (٣/ ١٨)، والاستيعاب (١٣٧٧)، والإصابة (٦/ ٣٤).
(٢) هو مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنُ وَاقِدٍ الأسْلَمِيُّ، مَوْلَاهُم المَدِينِيُّ، القَاضِي، العَلَّامةُ، صَاحِبُ "المَغَازِي" (ت ٢٠٧ هـ)، قَال الذهِبِيُّ: "أَحَدُ أَوْعِيّةِ العِلْمِ على ضَعْفِهِ المُتَفَّقَ عليه". أخباره في: طبقات ابن سعد (٧/ ٣٣٤)، وتاريخ البُخاري (١/ ١٧٧٨)، والجرح والتَّعديل (٨/ ٢٠)، وتاريخ بغداد (٣/ ٣ - ٢١)، ومعجم الأدباء (٢/ ١٨)، وسير أعلام النبلاء (٩/ ٤٥٤).
(٣) هو مُحَمَّدُ بنُ عبد الرَّحْمَن بن المُغِيرَةِ بنِ الحَارِث بن أَبي ذئْبٍ، واسم أَبي ذِئْبِ هشامُ بنُ شُعْبَةَ، القُرَشِيُّ العَامِرِيُّ المَدَنِيُّ الفَقِيهُ، أَبُو الحَارِثِ (ت ١٥٩ هـ)، قال أَحْمَدُ بنُ حَنْبَل: كَانَ يُشَبَّهُ بسَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ، فَقِيلَ لأحْمَدَ: خَلَّفَ مِثْلَهُ، قَال: لَا ... أَخْبَارُهُ في: التَّارِيخ الكبير للبُخاري (١/ ١٥٢)، ومشاهير علماء الأمصار (١٤٠)، وتاريخ بغداد (٢/ ٢٦٩)، وسير أعلام النَّبلاء (٧/ ١٣٩)، والشَّذرات (١/ ٢٤٥).